ما ليلتي على أُقرْ – مهيار الديلمي

ما ليلتي على أُقرْ … إلاَّ البكاءُ والسَّهر

بتُّ أظنُّ الصُّبحَ بال … عادة ممَّا ينسفر

أرقبُ منْ نجومها … زوالَ أمرٍ مستقرْ

رواكدٌ كأنَّما … أفلاكهنّ لمْ تدرْ

وكلّمَا قلتُ انطوى … شطرٌ منَ الليلِ انتشرْ

أسألها أينَ الكرى … أينَ النَّهارُ المنتظرْ

وكلُّ شيءٍ عندها … إلاَّ الرُّقادُ والسَّحرْ

منْ مخبري فما أرى … هلْ دامَ ليلٌ فاستمرْ

وغابتِ الشَّمسُ نعمْ … فكيفَ خلِّدَ القمرْ

أينَ الأُلى طرَّحهمْ … مطارحَ البينِ الحذرْ

غابوا وما غابتْ لهمْ … دارٌ ولا جدَّ سفرْ

لكنْ عيونُ الكاشحي … نَ الشُّرزُ منها والخرزْ

ما برحتْ لا نظرتْ … تمنعنا حتَّى النَّظرْ

تطلَّعوا نارَ الجوى … في القلبِ كيفَ تستعرْ

وما الَّذي تبعثهُ … على الجوانحِ الذِّكرْ

وأيُّ نارٍ للفؤا … دِ فيهمُ عندَ البصرْ

غنِّيٌ بهيفاءِ الرِّفا … قُ والكؤوسُ لمْ تدرْ

فكلُّ صاحٍ انتشى … وكلُّ نشوانَ سكرْ

كأنَّما قلبي لها … في صدرِ كلِّ منْ حضرْ

فظلتُ أبكي مثلما … أشربُ أدمعاً حمرْ

كأنَّ ماءَ قدحيْ … منْ بينِ جفنيَّ عصرْ

قالَ الرَّسولُ عتبتْ … هيفاءُ قلتُ ما الخبرْ

قالَ تقولُ ملَّنا … قلتُ الملولُ منْ غدرْ

لا والَّذي لو شاءَ أنْ … ينصفني منها قدرْ

ما خدعتْ بغيرها … عيني على حسنُ الصُّورْ

بلى ولا أنكرهُ … وليسَ بالأمرِ النُّكرْ

لقدْ رأيتُ البانَ منْ … ذي العلمينِ والسَّمرْ

تضربهُ ريحُ الصِّبا … فيستوي وينأطرْ

فملتُ تشبيهاً بها … آخذُ ضماً وأذرْ

فإنْ رأتْ ذلكَ ذن … با إنَّني لمعتذرْ

يا يومَ دبَّ بيننا … أمرُ الفراقِ ما أمرْ

ما كنتُ في الأيامِ إلاَّ … عارضاً ينطفُ شرّْ

قدْ عيَّفتكَ الطَّيرُ لي … لكنَّ قلبي ما زجرْ

ولائمٌ مدَّتْ لهُ … حبائلُ اللَّومِ فجرّْ

رأى هناتٍ فنهى … غيرَ مطاعٍ وأمرْ

قالَ فردَّ صاغرا … أغزلٌ معَ الكبرْ

وأيُّما علاقة ٍ … بينَ الغرامِ والعمرْ

وأينَ إطرابُ النُّفو … سِ معْ أصابيغِ الشِّعرْ

ربَّ شبابٍ ليلهُ … يصبحُ تنعاهُ الأزرُ

وشيبِ رأسٍ ذنبهُ … في الحظواتِ مغتفرْ

حلفتُ بالشُّعثِ الوفو … دِ زمرا على زمرْ

يرونَ ظلماً بارداً … بلثمِ ذلكَ الحجرْ

ومنْ دعا ومنْ سعى … واستنَّ سبعاً وجمرْ

وسوقهمْ مثلَ الحصو … نِ مرِّدتْ إلاَّ المذرْ

توامكاً ممطورة ً … أعشابها وقتَ المطرْ

جاءوا بها مجتهدي … ن تفتلى وتختبرْ

لكلِّ مهدٍ نسكهُ … أنفسٌ ما ليهِ نحرْ

أنَّ بني عبدِ الرَّحي … مِ نعمَ كنزُ المدَّخرْ

وخيرُ منْ سدَّتْ بهِ … يومَ الملمَّاتِ الثُّغرْ

المطعمونَ الهبرَ وال … عامُ عبوسٌ مقشعرْ

وصبية ُ الحيِّ تدا … ري الإبلَ عنْ فضلِ الجزرْ

والرِّيحُ لا تلوى بأك … سارِ البيوتِ والجدرْ

وتحسبُ الفائزَ من … ها ملقمَ البطنِ الحجرْ

والمانعينَ الجارَ لو … زحزحَ عنهمْ لمْ يجرْ

حتّى يعزَّ فيهمُ … عزَّ تميمٍ في مضرْ

منْ بعدِ ما صاحَ بهِ ال … موتُ استمتْ فلا وزرْ

والواهبونَ بسطَ الرِّ … زقُ عليهمْ أوْ قدرْ

لا يحسبونَ معطياً … أعطى إذا لمْ يفتقرْ

لهمْ حياضُ الجودِ وال … سُّودَدِ فعماً وغزرْ

تخلى لهمْ جمَّاتها … وبعدُ للنَّاسِ السُّؤرْ

أبناءُ مجدٍ نقلو … هُ أثراً بعدَ أثرْ

رواية ٌ يسندها … باقيهمُ عمَّنْ غبرْ

ينصرُ عنها القولُ بال … فعلِ فيسلمَ الخبرْ

طابوا حياة ً مثلما … طابوا عظاماً وحفرْ

تساهموا أفقَ العلا … تساهمَ الشَّهبِ الزُّهرْ

كأنَّهمْ في أوجهِ ال … دنيا البهيماتِ غررْ

فانتظموا نظمَ القنا … إلاَّ الوصومَ والخورْ

منْ هبة ِ اللهِ إلى … سابورَ فخرٌ مستمرّ

قسْ خبري عنهمْ إلى … أبي المعالي واعتبرْ

ترَ العروقَ الزَّاكيا … تِ منْ شفافاتِ الثَّمرْ

المشترى الحمدَ الرَّبيحَ … لايبالي ما خسرْ

والطَّلقُ حتَّى ما تبي … نَ عسرة ٌ منَ اليُسرْ

تكرعُ منْ أخلاقهِ … في سلسلٍ عذبِ الغدرْ

لمْ يبقِ راووقُ الصِّبا … قذى ً بهِ ولا كدرْ

ثمَّ فحلَّتْ أربعي … ين عشرة ٌ منَ العمرْ

وفاتَ أحلامَ الكهو … ل وهو في سنِّ الغمرْ

وأبصرَ اليومَ غداً … فلمْ يردْ إلاَّ صدرْ

لا ضامهُ الخوفُ ولا … أطغاهُ في الأمنِ البطرْ

على نداهُ باعثٌ … منْ نفسهِ لا يقتسرْ

إذا أحسَّ فترة ً … لجَّ عليها ونفرْ

لا يخلفُ الظنَّ ولا … يلقى الحقوقَ بالعذرْ

علقتُ منْ ودِّكَ بال … مستحصفِ المثنى المررْ

أملسَ لا تسحلهُ … بالغدرِ كفُّ المنتسرْ

وكنتُ منْ حيثَ اقترح … تَ وأبي قومٌ أخرْ

تعطي على الحفَّة ِ ما … يعطونَ والضَّرعُ دررْ

والخيرُ منْ مالكِ لي … وإنْ وفى وإنْ كثرْ

محبة ُ ما فوَّزتْ … نفسي منها في غررْ

فما أطيرُ بأخٍ … محلِّقاً ما لمْ تطرْ

ولا ينزَّى كبدي … إذا وصلتَ منَ هجرْ

فابقَ على وغرِ الحسو … دِ نجوة ً منَ الغيرْ

ترعاكَ عينُ الله لي … منْ شرِّ أعينِ البشرْ

ما ذيَّلَ النيروزُ في … ثوبِ الرِّياضِ وخطرْ

وكرَّ عامٌ مقبلٌ … وابقَ إلى أنْ لا يكرْ

واسمعْ لها تهدي إلى ال … عرضِ الغنى وهي فقرْ

تضوعُ في النَّاسِ بها … نوافجُ لسنُ السُّررْ

سلَّمتِ الرِّيحُ لها … شرطَ الرَّواحِ والبكرْ

كما تمطَّتْ بالخزا … مى لكَ أرواحُ السَّحرْ

قهي بكمْ معقولة ٌ … وهي شرودٌ لا تقرّْ

إذا بناتُ شاعرٍ … أُنِّثنَ أوْ كنَّ عقرْ

فكلُّ بنتٍ ولدتْ … في مدحكمْ منِّي ذكرْ

ترى حسودي حاضراً … ينشدُ وهو يحتضرْ

تعجيلهُ عنْ نفسهِ … سابقة ً أمرَ القدرْ

يصغي لها وودُّهُ … لو كانَ منْ قبلُ وقرْ