لما تعدى حفظهُ أعيانها – محيي الدين بن عربي

لما تعدى حفظهُ أعيانها … حفظاً إلهياً إلى الجيرانِ

فبنيتُ إسلامي عليها محكماً … أركانه فيحل من بنياني

اللهُ كرمنا بدولة ِ أحمدٍ … كرماً يعم شرائعَ الإحسانِ

شهدتْ بذلك نيتي وطويتي … وإن امترى في ذلك الثَّقَلان

لما سرى سرّ الوجودِ بجودِه … في عالمِ الأرواحِ والأبدانِ

شهدتْ حقائقه بأنَّ وجودَه … قدْ عمنا في الحكمِ والأعيانِ

لما التفت بناظري لم أطلع … إلا إليهِ فإنهُ بعياني

لو كان ثَم سواه كنت مُقسماً … بينَ الإلهِ وعالمِ الأكوانِ

فانظرْ لما تحوي عليهِ قصيدتي … منْ كلِّ علمٍ قامَ عنْ برهانِ

لوْ أنَّ رسطاليس أو أفلاطنا … في عصرنا لأقرَّ بالحرمانِ

منْ عدلَ الميزانَ يعرفُ قولنا … ويقرُّ بالنقصانِ والخسران

لا تُخْسِرُوا الميزانَ إنَّ عقولكم … دونَ الذي أعنيهِ في الرجحانِ

إقرأ كتابَ اللهِ فاتحة َ الهدى … فجميعُ ما يحويهِ في العنوانِ

إنَّ الإلهَ الحقَّ أعلمُ كونها … عين الصلاة وإنها قسمان

لما قرأتُ كتابهُ في خلوة ٍ … معصومة من خاطرِ الشيطانِ

عاينتُ فيه مَعالماً بدلائل … لا يمتري في صدقها اثنانِ

لو أنَّ عبدَ الفكرِ يشهدُ قوانا … لم ينتطح في سرِّنا عَنزان

لكنهم لما تعبد فكرُهم … ألبابَهم بعدوا عن الفُرقان

إنْ تتق الله الذي يجعل لك … الفرقانَ بينَ الحقِّ والبهتانِ

لو وفقوا ما لفقوا أقوالَ من … لعبوا بهم كتلاعبِ الوِلدان

والكلُّ في التحقيقِ أمرٌ واحدٌ … في أصله بالنص والبرهان

نطقتْ بذلك ألسنٌ معلومة … بإصابة ِ التحقيق في التبيان

لو أنهم شهدوا الذي أشهدته … ما قام في ألبابهم حكمان

لعبتْ بهم أهواؤهم فهمُ لها … عند اللبيبِ كسائرِ الحيوان

إنَّ النجاة َ لمن يقلِّد ربّه … فيما أتاهُ بهِ وهمْ صنفانِ

صنفٌ يراهُ شهودُ عينِ دائماً … أو في حجابٍ عنه وهو الثاني