لله قومٌ لهم في كلِّ حادثة ٍ – محيي الدين بن عربي
لله قومٌ لهم في كلِّ حادثة ٍ … شانٌ وصورتهم من لا له شانُ
فإنْ نظرتِ إليهم في تصرفهمْ … تقولُ ما هم كما قالوا وما كانوا
يعم علمهمُ أحوالَ كونهمُ … الماضُ وآلاتُ بالتصريفِ والآنُ
سُبحانَ من خصَّهم منه بصورته … همُ المقيمونَ في الوقتِ الذي بانوا
مسافرونَ ولمْ تفقدْ ذواتهمُ … من المجالس والأعيان أعيان
أجسامهم هي أجسادٌ ممثلة ٌ … للناظرين وهم في العين إنسان
بهم نراهم كما قلنا ويشهد لي … منْ روية ِ اللهِ عرفانٌ ونكرانُ
أنت اعترفتَ بمن أنكرتَ صورته … الأمرُ سوقٌ فأرباحٌ وخسرانُ
وهم ذوو بصر لما يرون وهم … عند الأكابر منا فيه عميانُ
لا يهتدونَ لما تعطى نواظرهمْ … وما لهمْ في الذي يرونَ برهانُ
وكلُّ ما انكروا منه أو اعترفوا … به فذلك عند القومِ عرفان
هم في الكتابِ الذي اخفته غيرته … منهمْ ومنْ غيرهم في الصدرِ عنوانُ
ما في الوجودِ سوى جودِ خزائنهِ … لها إذا نزلتْ بالخلقِ ميزانُ
لكنهُ عندَهُ لا عندهُمْ ولذا … يخيب في نظر الإنصاف أوزان
وما يخيب ولكن هكذا اعتبرت … بما يفصلهُ حقٌّ وبهتانُ
لذاك أوجدهم طبعا وكلفهم … شرعاً فوزنهمُ نقصٌ ورُجحان
ووزنُ ربكَ عدلٌ جلَّ عنْ غرضٍ … يقيم ميزانَه بَرٌّ ومحسانُ
مع العليمِ بما تحويه جنته … دونَ اشتراكٍ ومنْ تحويهِ نيرانُ
بالاشتراكِ ومنْ يخلصْ لمقعدهِ … في النارِ ليسَ لهُ في الحشرِ ميزانُ
بذا أتى خبرُ الأرسالِ قاطبة ً … وقدْ أتى بالذي ذكرتُ قرآنُ