لقد هتك العبد الطرماح ستره – الفرزدق
لَقَدْ هَتَكَ العَبْدُ الطِّرِمّاحُ سِترَهُ، … وَأصْلى بِنَارٍ قَوْمَهُ فَتَصَلَّتِ
سَعيراً شَوَتْ مِنُهُمْ وُجوهاً كأنّهَا … وُجُوهُ خَنَازِيرٍ عَلى النّارِ مُلّتِ
فَما أنْجَبَتْ أُمَّ العِلافيّ طَيّءٌ، … ولَكِنْ عَجُوزٌ أخْبَثَتْ وَأقَلّتِ
وَجَدْنَا قِلادَ اللّؤمِ حِلْفاً لِطَيّءٍ … مُقارِنَها في حَيْثُ بَاتَتْ وَظَلّتِ
وَمَا مَنَعَتْنَا دارَهَا مِنْ قَبيلَةٍ، … إذا مَا تَمِيمٌ بِالسّيُوفِ اسْتَظَلّتِ
بَني مُحْصَنَاتٍ مِنْ تَمِيم نَجيبَةٍ … لأكْرَمِ آبَاء مِنَ الناس أدّت
وَلَوْلا حِذَارٌ أنْ تُقَتَّلَ طَيّءٌ … لَمَا سَجَدَتْ لله يَوْماً وَصَلّتِ
نَصَارَى وَأنْبَاطٌ يُؤدّونَ جِزْيَةً … سِرَاعاً بهَا جَمْزاً إذا هي أُهِلّتِ
سَقَتْهُمْ زُعافَ السّمّ حَتى تذَبْذبوا، … وَلاقَوْا قَنَاتي صُلْبَةً فَاستَمرّتِ
تُعَالِنُ بالسّوْءاتِ نِسْوَانُ طَيّءٍ، … وَأخْبَثُ أسْرَارٍ إذا هي أسَرّتِ
لهَا جَبْهَةٌ كالفِهْرِ يُندي إطَارُهَا، … إذا وَرِمَتْ ألغادُها وَاشْمَخَرّتِ
أتَذكُرُ شَأنَ الأزْدِ؟ ما أنتَ مِنهُمُ، … وَما لَقِيَتْ مِنّا عُمَانُ وَذَلّتِ
قَتَلْناهُمُ حَتى أبَرْنَا شَرِيدَهُمْ، … وَقَدْ سُبِيَتْ نِسَوانُهمْ وَاستُحِلّتِ
نَسِيتُمْ بِقَنْدابيلَ يَوْماً مُذَكَّراً … شَهِيراً، وَقتلى الأزْدِ بالقاعِ جُرّتِ
حَمَلّنا على جُرْدِ البِغالِ رُؤوسَهُمْ … إلى الشّامِ مِنْ أقصَى العِراقِ تدَلّتِ
وَكَمْ مِنْ رَئيسٍ قَد قَتلناهُ رَاغِماً … إذا الحَرْبُ عن رُوقٍ قَوَارحَ فُرّتِ
بمُعترَكٍ ضَنْكٍ بِهِ قِصَدُ القَنَا، … وَضَعْنَا بِهِ أقْدَامَنَا فَاسْتَقَرّتِ
تَرَكْنَا بِهِ عِنْدَ اللّقَاءِ مَلاحِماً، … عَلَيْهِمْ رَحَانَا بِالمَنَايَا اسْتَحَرّتِ
فَلَمْ يَبْقَ إلاّ مَنْ يؤدّي زَكَاتَهُ … إلَيْنَا وَمُعْطٍ جِزْيَةً حِينَ حَلّتِ
ولو أن عصفوراً يمُدُّ جناحه … على طيءٍ في دارها لاستظلت
سألت حجيج المسلمين فلم أجد … ذبيحة طائيٍّ لمن حج حلت
وَمَا بَرِئَتْ طَائِيّةٌ مِنْ خِتانِها، … وَلا وُجدَتْ في مسجد الدّينِ صَلّتِ