كم ذا تطارح في منى ورقاءها – حيدر بن سليمان الحلي
كم ذا تطارح في منى ورقاءها … خفض عليك فليس داوك داءها
أنظنها وجدت لبين فانبرت … جزعاً تبثك وجدها وعناءها
فحلبت قلبك من جفونك أدمعاً … وسَمت كربعيّ الحيا جَرعاءها
هيهات ما بنتُ الأراكة ِ والجوى … نضج الزفيرُ حشاكَ لا أحشاءها
فاستبقِ ما أبقى الأسى من مُهجة ٍ … لك قد عَصرت مع الدُموع دماءها
كذَبتك ورق الابطحينِ فلو بكت … شَجَناً لاخضل دَمعها بطحاءها
فاطرح لحاظَك في ثنايا أُنسها … من أيِّ ثَغرٍ طالعت ما ساءها
لاالفها صدعته شاعبة النوى … يوماً ولا فَطَم الغمامُ كباءها
وغديرُ روضتِها عليه رفرفت … عذب الاراك وأسبغت أفياءها
لكن بزينة ِ طوقِها لمَّا زهت … مزجت بأشجان الانين غناءها
ورأت خضاب الراحتين فطربت … وظننت تطريب الحَمام بُكاءَها
أأخا الملامة كيف تطمع ضلة … بالعذل من نفسي تروض إباءها
أرأيت ريقة إفعوان صريمة … نفس السليم بها تروم شفاءها
عني فما هبَّت بوجديَ ساجعٌ … تدعو هديلا صبحها ومساءها
ما نبَّهتَ شوقي عشيَّة َ غرَّدت … بظباءِ كاظمة ٍ عدِمت ظباءَها
لكنما نفسي بمعترك الاسى … أسرت فوادح كربلاء عزاءها
يا تُربة الطف المقدَّسة ِ التي … هالُوا على «ابن محمد» بوغاءَها
حيَّت ثراكِ فلاطفتهُ سحابة ٌ … من كوثرِ الفردوسِ تَحمل ماءَها
واريت روح الانبياء وإنما … واريت من عين الرشاد ضياءها
فلا يهمّ تَنعى الملائكُ مَن لهُ … عَقدَ الإلهُ ولاءَهُم وَولاءها
ألآدم تنعى وأين خليفة الـ … ـرحمنِ آدمُ كي يُقيمَ عزاءها
وبك انطوى وبقية الله التي … عرضت وعلم آدم أسماءها
أم هل إلى نوح وأين نبيه … نوحٌ فليُسعد نوحَها وبكاءها
ولقد ثوى بثراكِ والسببُ الذي … عصم السفينة مغرفاً أعداءها
أم هل إلى موسى وأين كليمه … موسى لكي وجداً يطيل نعاءها
ولقد توارى فيكِ والنار التي … حمل الأئمة كربها وبلاءها
دفنوا النبوة وحيها وكتابها … بك والإمامة َ حُكمها وقضاءها
لا ابيضَّ يومٌ بعد يومك أنّه … ثكلَت سماءُ الدين فيه ذُكاءها
يومٌ على الدُنيا أطلَّ بروعة ٍ … رأت الحُتوف أمامها ووراءها
واستك مسمع خاففيها مذبها … هَتف النعيُّ مطبِّقاً أرجاءها
طرقتكِ سالبة البهاءِ فقطّبي … ما بشر من سلب الخطوب بهاءها
ولتغد حائمة الرجاء طريدة … لا سجل ينقع برده أحشاءها
فَحشا ابنِ فاطمة ٍ بعرصة كربلا … بَردت غليلاً وهو كان رُواءها
ولتطبق الخضراء في أفلاكها … حتى تصك على الورى غبراءها
فوديعة الرحمن بين عبادة … قد أودعنه أمية رمضاءها
صرعته عطشاناً صريعة كأسها … بتنوفة سدت عليه فضاءها
فكسته مسلوب المطارف نقعها … وسقته ضمآن الحشا سمراءها
يوم استحال المشرقان ضلالة … تبعث به شيع الضلال شقاءها
إذ ألقَح ابنُ طليق أحمد فتنة ً … وَلدت قلوبُهم بها شحناءها
حَشدت كتائِبَها على ابن محمدٍ … بالطف حيث تذكرت آباءها
الله أكبر يا رواسي هذه الأ … رض البسيطة زايلي أرجاءها
يَلقى ابنُ منتجع الصلاحِ كتائباً … عَقدَ ابنُ مُنتجع السفاحِ لِواءَها
ما كان أوقحها صبيحة قابلت … بالبيضِ جبهته تُريقُ دِماءها
ما بلَّ أوجُهها الحيا ولو انّها … قِطعُ الصفا بلَّ الحيا مَلساءها
من أين تخجل أوجه أموية … سَكبت بلذَّاتِ الفُجورِ حياءها
قَهَرت بني الزهراء في سُلطانِها … واستأصلت بصفاحها أمراءها
… في الأرضِ مَطرح جَنبها وثواءَها
ضاقت بها الدنيا فحيث توجهت … رأت الحتوف أمامها ووراؤها
فاستوطأت ظَهر الحِمام وحوَّلت … للعز عن ظهر الهوان وطاءها
طلعت ثنيات الحتوف بعصبه … كانوا السيوفَ قضاءَها ومِضاءها
من كل منتجع برائد رمحه … في الروع من مهج العدى سوداءها
إن تعر نبعة غزه لبس الوغى … حتى يجدل أو يعيد لحاءها
ما أظلَمت بالنقع غاسقة ُ الوغى … حتى بجدل أو يعيد لحاءها
يعشُو الحِمامُ لشعلة ٍ من عَضبه … كرهت نفوس الدارعين صلاءها
فحسامُه شمسٌ وعزرائيلُ في … يوم الكفاح تخاله حرباءها
وأشمُّ قد مسح النُجوم لواؤُه … فكأَنَّ من عَذباته جوزاءها
زحمَ السماء فمن محكّ سنانِه … جرباء لقَّبت الورى خضراءها
أبناء موت عاقدت أسيافها … بالطف أن تلقى الكماة لقاءها
لقلوبُها امتحنَ الإلهُ بموقفٍ … مَحضتهُ فيه صَبرها وبلاءها
في حيثُ جعجعت المنايا بَركها … وطوائف الآجال طفن إزاءها
ووفت بما عقدت فزوَّجت الطُلى … بالمُرهفات وطلّقت جوباءها
كانت سواعدَ آل بيت مُحمدٍ … وسيوف نجدتها على من ساءها
جعلت بثغر الحتفِ من زُبر الضُبا … ردماً يحوط من الردى حلفاءها
واستقبلت هامَ الكماة فأفرَغت … قطراً على رَدم السيوفُ دماءها
كره الحمام لقاءها في ضنكه … لكن أحب الله فيه لقاءها
فَثوت بأفئدة ٍ صوادٍ لم تجد … ريًّا يَبلُّ سوى الردى أحشاءها
تغلي الهواجرمن هجير غليلها … إذ كان يُوقدُ حرّهُ رمضاءها
ما حال صائمة ِ الجوانح أفطرت … بدم وهل تروي الدما إضماءها
ما حالُ عاقرة ِ الجسوم على الثرى … نهبت سيوف أمية أعضاءها
وأَراكَ تُنشيءُ يا غمامُ على الورى … ظلاًّ وتروي من حَياك ضِماءها
وقلوب أبناء النبي تفطرت … عطشاً بقفرٍ أرمضت أشلاءها
وأمض ما جرعت من الغصص التي … قدحت بجانحة الهدى إيراءها
هتكُ الطغاة على بناتِ محمدٍ … حجب النبوة خدها وخباءها
فتنازعت أحشاءها حرق الجوى … وتجاذبت أيدي العدوّ رداءها
عجباً لِحلم الله وهي بعينهِ … برزت تُطيلُ عويلها وبُكاءها
ويرى من الزفرات تجمع قلبها … بيد وتدفع في يد أعداءها
حال لرؤيتها وإن شمت العدى … فيها فقد نحت الجوى أحشاءها
ما كان أوجها لمهجة أحمد … وأمض في كبد البتولة داءها
تربت أكفك يا أمية إنها … في الغاضريّة تربّت أُمراءها
ما ذنبُ فاطمة ٍ وحاشا فاطماً … حتى أخذت نذنبها أبناءها
لا بلَّ منك المُزن غلَّة عاطش … فيما سقيت بني النبي دماءها
فعليك ما صلى عليها الله لعـ … ـنته يُشابه عَودُها إبداءها
بولاء أبناء الرسالة أتَّقي … يوم القيامة هولها وبلاءها
آليتُ ألزمُ طائراً مدحي لهم … عُنقي إذا ما الله شاء فناءها
ليرى الإله ضجيع قلبي حبها … وضجيع جسمي مدحها ورثاءها
ماذا تظن إذا رفعت وسيلتي … لله حمد أئمتي وولاءها
أترى يقلِّدني صحيفة شقوتي … ويبزُّ عُنقي مدحها وثناءها
بل أين من عنقي صحيفتي التي … أخشى وقد ضمن الولاءُ جلاءها