حيّ تحتَ الدجى مُحيّاً أنارا – حيدر بن سليمان الحلي

حيّ تحتَ الدجى مُحيّاً أنارا … فأحال الليلَ البهيمَ نهارا

واعتنق كالُلجينِ ناظرَ قدٍّ … لا يجيل الوشاحَ إلاّ نُضارا

وارتشف كالسُلاف ريقة َ ساقٍ … خلت منها أدار لي ما أدارا

سحراً زارنا وأرخى جُعوداُ … ذات نشر تعطّر الأسحارا

وجلاها ورديّة َ اللون فيها … خلتُ أن قد أذاب لي جُلّنارا

ما أنارت من جانب الكأس إلاّ … قال قلبي الكليم آنست نارا

يا نديمي على الطِلى عاطنيها … أُخت خدّيكَ رقّة َ واحمرارا

هاتها تُطلق النفوس من الأسر … كما تترك العقولَ أُسارى

وبها يا بن نشوة الكأس صرفاً … داوِ شوقي فقد مرضت انتظارا

وعلى الرشف قرّط السمعَ مني … نغماتٍ تحرّك الأوتارا

غنني باسم ناعمٍ حضنته … في ظلال النعيم بيضُ العَذارى

وغريرٍ حلا بعيني ومنها … قد حمى الجفنَ أن يذوق غِرارا

زار سرّاً وكان صدَّ جهاراً … فأراني نجومَ ليلي نَهارا

كم تعاطيتُ من مقبّله العذبِ … على ورد وجنتيه عُقارا

في رياضٍ جلت عرائسَ زهرٍ … كان طلّ الأنداء فيها نثارا

واكتستها ديباجة أَلحمَ القطرُ … وسدّى في نسجها وأنارا

كلما زرّ نورُها الغضّ جيباً … عنه حلّت يد الصَبا الأزرارا

خلعة ٌ من بهاءِ عرس غنيّ … كان حسناً بهاؤُها مستعارا

ماجدٌ قرّت العُلى فيه عيناً … واستهلّت بسعده استبشارا

وغنيّ بفخرها أطلعته … كوكباً في سمائها سيّارا

عُرسه غادر الحواسدَ بالأمـ … ـس سكارى وما هم بسكارى

وعلى قُطب دارة المجد زهواً … فلكُ اليمن بالسعود استنارا

ذلك المصطفى الذي للمعالي … إن جرى قيل سابقٌ لا يجارى

رقّ طبعاً وراق خَلقاً وخُلقاً … وزكى شيمة ً وطاب نِجارا

قد حمى حوزة َ العُلى في زمانٍ … غيره فيه ليس يحمي ذمارا

واستطالت به على الدهر كبراً … هممٌ تبذل الخطير احتقارا

بيته كعبة ُ الندى وحماه … لبني الدهر لم يزل مُستجارا

من أُناس بذكرهم أنجد المد … حُ على أوّل الزمانِ وغارا

هم أطالوا عمرَ السماح وأعما … رَ المواعيد قدّروها قِصارا

كلهم ينتمي لدوحة ِ مجدٍ … شرفاً أثمرت عُلاً وَفخارا

تلك أقمارُ سؤددٍ بل شموسٌ … وَلدت في سما العُلى أقمارا

فإذا بأهلوا السما بأبي الـ … ـهادي وقد أشرقت ترومُ افتخارا

رأت الأرض تستنير بوجهٍ … حسنٍ مثله بها ما استنارا

ودعت يا رفيعة القدرِ من أنـ … ـجمي الزهرِ خفّظي الأقدارا

لستِ إلاّ فدى ً لوجه كريمٍ … ليس يرضى بدارة الشمس دارا

ذو يمينٍ مبسوطة ٍ بالعطايا … لا تغبّ الوفّاد منها اليسارا

فلكم حرّرت أرقّاءَ دهرٍ … واسترقّت من الورى أحرارا

مستشارٌ وهل لعقدٍ وحلٍ … يجد القومُ مثله مُستشارا

هو أنكى رأياً لطارقة الخطب … وأذكى لطارق الضيف نارا

لستُ أدري إذا احتبى ناطقاً بالـ … ـكلمِ الفصل ناهياً أمّارا

أبصدر النادي توقّر رضوى … أم هو احتلّه فأرسى وَقارا

حصَّ قومٌ حرّ القريض فأضحى … واقعاً لا يرى لأُفقٍ مطارا

وهو قد راشه فرفَّ بجنحيه … اشتياقاً ونحو علياه طارا

يا بني المصطفى كفى نظراً للمجـ … ـد منكم بأن تهينوا النضارا

والمعالي ليُهنها أن تُقضّوا … طرباً في وِصالها الأوطارا

وليزوّد ربع المكارم زهواً … إنكم تعمرون منه الديارا

قد كُفيتم من غارة البخل لمّا … أن نهضتم مشمّرين غيارى

وهي لولاكم لطلّت دمَ الجود … وقالت قد ضعت فاذهب جُبارا

أينعت روضة ُ الهنا فاجتنينا … لكم التهنياتِ منها ثِمارا

وغفرنا ذنبَ الزمان وقلنا … قد أقلناكَ يا زمان العثارا

وأزرنا عقيلة الفكر ترخي … طرباً للنشيد منها الأزارا

يمّمتكم عَطرى البرود بذكرا … كم فناهيكم بها مِعطارا

إن جلت من عرائس اللفظ عُوناً … فالمعالي تزفّها أبكارا

هي غيظُ الحسود لم تجل إلاّ … زادَ أهلُ الكمالِ فيها ابتهارا

وغدّت تكثر القيام لأعجاب … بها والحسود يبدي ازورارا

كلما أُنشدت دعى المجد قامَ … القومُ إلاّ وللحسود أشارا

فأقيموا على السرور بعصرٍ … هو فيكم يفاخر الأعصارا