إِلاَمَ يَهْفُو بِحِلْمِكَ الطَّرَبُ؟ – محمود سامي البارودي
إِلاَمَ يَهْفُو بِحِلْمِكَ الطَّرَبُ؟ … أبعد خمسين فى الصبا أربُ ؟
هيهات ولى الشبابُ ، واقتربتْ … سَاعَة ُ وِرْدٍ دَنَا بِها الْقَرَبُ
فليس دون الحِمامِ مبتعدٌ … ولَيْسَ نَحْوَ الْحَياة ِ مُقْتَرَبُ
كلُّ امرئٍ سائرٌ لمنزلة ٍ … لَيْسَ لَهُ عَنْ فِنائِها هَرَبُ
وساكنٌ بينَ جيرة ٍ قذَفٍ … لا نَسَبٌ بَيْنَهُمْ، ولا قُرَبُ
فِي قَفْرَة ٍ لِلصِّلالِ مُزْدَحَفٌ … فِيها، ولِلضّارِياتِ مُضْطَرَبُ
وشاهدٌ موقفاً يُدانُ بهِ … فَالوَيْلُ لِلظَّالِمِينَ والْحَرَبُ
فاربأ يفاعاً ، أو اتَّخذ سرباً … إنْ كانَ يُغْنِي الْيَفَاعُ والسَّرَبُ
لا الْبَازُ يَنْجُو مِنَ الْحِمامِ، ولاَ … يخلُصُ منهُ الحمامُ والخربُ
مسلَّطٌ فى الورى َ : فلا عجمٌ … يَبْقَى عَلَى فَتْكِهِ، وَلاَ عَرَبُ
فَكَمْ قُصُورٍ خَلَتْ، وَكَمْ أُمَمٍ … بادت ، فغصَّت بجمعها التُّربُ
فمنزلٌ عامرٌ بقاطنهِ … ومنزلٌ بعدَ أهلهِ خرِبُ
يغدو الفتى َ لاهياً بعيشتهِ … وليسَ يدرى ما الصَّابُ والضرَبُ
ويقتنى نبعة ً يصيدُ بها … ونبعُ من حاربَ الرَّدى غربُ
لا يَبْلُغُ الرِّبْحَ أَوْ يُفارِقَهُ … كماتحٍ خانَ كفَّهُ الكربُ
يا وارِداً لا يَمَلُّ مَوْرِدَهُ … حذارِ من أن يصيبكَ الشَّربُ
تَصْبُو إِلَى اللَّهْوِ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ … والَّلهوُ فيهِ البوارُ والتَّرَبُ
وتتركُ البرَّ غيرَ محتسبٍ … أجراً ، وبالبرِّ تُفتَحُ الأربُ
دَعِ الحُمَيَّا، فَلاِبْنِ حانَتِهَا … من صدمَة ِ الكأسِ لهذمٌ ذرِبُ
تَرَاهُ نُصْبَ الْعُيُونِ مُتَّكِئاً … وعقلهُ فى الضلال مغتربُ
فبئستِ الخمرُمن مخادعة ٍ … لسلمها فى ِ القلوبِ محتربُ
إِذا تَفَشَّتْ بِمُهْجَة ٍ قَتَلَتْ … كما تفشِّى فى المبركِ الجرَبُ
فتب إلى الله قبلَ مندَمَة ٍ … تَكْثُرُ فيها الْهُمُومُ والْكُرَبُ
واعْتَدْ عَلَى الْخَيْرِ، فَالْمُوَفَّقُ مَنْ … هذَّبهُ الاعتيادُ والدَّربُ
وجد بما قَدْ حوَتْ يداكَ ، فمَا … ينفَعُ ثَمَّ اللُّجينُ والغرَبُ
فَإِنَّ لِلدَّهْرِ لَوْ فَطَنْتَ لَهُ … قَوْساً مِنَ الْمَوْتِ سَهْمُهَا غَرَبُ
كلمات: احمد الشرقاوي
ألحان: يوسف المهنا
1995