إذا عنَّ لي برقٌ يضيء على البعدِ – حيدر بن سليمان الحلي

إذا عنَّ لي برقٌ يضيء على البعدِ … نزت كبدي من شدّة الشوقِ والوجد

وناديتُ معتلَّ النسيمِ بلا رُشد … «نسيمَ الصَبا استنشقتُ منك شذا الندِّ

وهل لسليمِ الحبِّ أقبلتَ راقيا؟ … بنشرِ فتاة الحيِّ إذ كان شافيا

فما كنت إلاّ للصبابة ِ داعيا … «فذكّرتَني نجداً وما كنتُ ناسيا

نواعِمَ عيشٍ مازَجَ الأُنس زَهرها … رِطابَ أديمٍ خالطَ المسكُ نشرهَا

رقاقَ حواشٍ قرَّب الوصلُ فجرَها … “ليالٍ قصيراتٍ، ويا ليت عُمرهَا

رياحُ الهنا فيها تنشَّقتُ عَرفَها … وفيها مدامُ اللهوِ عاقرتُ صِرفَها

لدى روضة ٍ لا يبلغُ العقلُ وصفَها … «بها طلعت شمسُ النهارِ فلفَّها

سوادانِ يعمى الفجرُ بينَ دُجاهما … هما اثنانِ لكن واحدٌ منتماهُما

أتت تتخّفى خيفة ً في رداهما … «ولو لم تُغطّي خدَّها ظُلماتها

فأبصرتُ منها إذا سهت منه غُرّة ً … محيًّا هو الشمسُ المنيرة ُ غُرّة ً

ولاحَ لها خدٌّ، هو النورُ نُضرة ً … «قد اختلست منها عيونيَ نظرة ً

تَحيَّرتُ في بدرٍ من الوجهِ زاهرِ … يلوحُ على غصنٍ من القدّ ناضرِ

وأسيافِ لحظٍ في الجفونِ بواتر … “في وجنتيها حمرة ٌ شكَّ ناظري

فبالشذرِ أيدي الحُسن طرَّزن صدرها … وبالنجمِ لابالدرِّ وشحّن خصرَها

لها مقلّة هاروتُ ينفثُ سحرَها … “وفي نحرها عقدٌ توهمت ثغرَها

بنفسي هيفاءَ الوشاحِ من الدُمى … سقتني حمّيا الراح صرفاً من اللّمى

فأمسيتُ من وصفِ المدام متيَّما … “وما كنت أدري ما المدامُ، وإنّما

وقبلَ ارتشافُ الثغر ما لذّة ُ الهنا … وقبل سنا الخدينِ ما لامعُ السنا

وقبل رنينِ الحُلي مارنَّة ُ الغِنا … «وقبل اهتزازِ القدِّ ما هزّة ُ القَنا

لها كلَّ يومٍ عَطفة ٌ ثم نَبوة ٌ … وما علقت فيها بقلبي سَلوة ٌ

فمِن بُعدَها زادت بقلبي صبوة ٌ … “ومن قُربِها مالت برأسي نَشوة

ولا عجبٌ إن يشفَ في عَطفِ قلبها … سقامُ جفاها يومَ بتُّ بجنيها

هي الداءُ طوراً والشفاءُ لصبِّها … «وإن زالَ سكرُ البعدِ من سكرُ قربِها

فمذ كنتُ ذرًّا قد تعشّقتُ زينبا … وفي عالمِ الأصلابِ زدت تعذُّبا

وموَّهتُ في ضربٍ من اللحنِ مطربٍ … «تعشّقتُها طِفلاً وكهلاً وأشيبا

أغارُ عليها أن يمرَّ بشعبها … نسيمُ الصَبا أو يكتسي طيبَ تُربها

وأدري بحبي كيف بات بقلبها … “ولم تدرِ ليلى أنني كَلِفٌ بها

وأخفيتُ عن نفسي هوى سقمه شكت … ولم تدرِ أحشائي بمن نارُها ذكت

وكفّي لأسناني لمن أسفاً نكت … “وما علمت من كتمِ حبي لمن بكت

إذا ما تذاكرنا الهوى بتشبُّبٍ … أتيتُ بتشبيبٍ عن الشوقِ معربٍ

وإن قلتُ إني واجدٌ في جآذرِ … فوجدي بريّا لا بوحشٍ نوافرِ

وإن قلتُ أروى فالمنى أمُّ عامرِ … وإن قلتُ شوقي باللوى فبحاجر

فيحسب طرفي في هوى تلك قد قذي … وأنَّ بهاتيك العَذارى تلذُّذي

وفي ذكرِ أوطانٍ لها القلبُ يغتذي … “وما ولعت نفسي بشيء سوى الذي

وأكرمُ أربابِ الغرامِ الأُلى خلوا … أناسٌ أسرَّوا سرَّه مُذ به ابتلوا

وقال لقومٍ للأذاعة ٍ ما قلوا … “كذا من تصدّى للهوى فليكن ولو

فانَّ الفتى مَن يحكم الرأي فكرهُ … ويعجزُ أربابَ البصيرة ِ سبرهُ

وذو الحزمِ من يخفى على الناسِ أمرهُ … “وليس الفتى ذو الحزمِ من راح سرَّه

إذا لم يصنهُ عن خليل وحُسَّد … تحدَّثَ فيه الناسُ في كلِّ مشهد

وغنَّت به الركبانُ في كلِّ فِدفد … «فيسري إلى القاصي كما بمحمد

لقد جمدت دون القِريضِ القرايحُ … وماتت بموتِ الماجدين المدايُح

فما لرتاج الشعرِ إلاّيَ فاتُح … “وما للثنا إلاّ محمَّدُ صالح

ظهورُ العُلى في مثله ما استقلّتِ … له رتبة ٌ عنها الكواكبَ خُطّت

فتى ً إن يرم إدراكه العقلُ يَبهتِ … “همامٌإلى العلياءِ حدّة فكرتي

مليكٌ عليه طائرُ الوهمِ لم يحمُّ … وكلُّ ابنِ مجدٍ شأوَ علياهُ لم يَرمُ

تحدَّر من أصلابِ فخرٍ غدت عُقم … «وعن مثله أمُّ المكارمِ لم تقُم

لهُ خلقٌ ما شابَ سلساله القذا … ولا هو في غيرِ الفخارِ تلذَّذا

وغيرَ العُلى منذُ الولادة ِ ما اغتذى … “ترَّبى بحجرِ المجدِ طفلاً وقبلُ ذا

فعلَّمَ صوبَ الغيثِ أن يتهلَّلا … ووازنَ منه الحلمُ رضوى ويذبلا

وفات جميعَ السابقين إلى العُلى … «ترقّى النهى قبل الفِطامِ به إلى

تجمَّع شملُ الزهدِ لمَّا تشتَتَا … وعاشَ التقى من بعدِ ما كان ميّتا

بذي نُسِكٍ ما زال للهِ مُخبتا … «ومعتصمٍ ممّا يُشانُ به الفتى

فلا غروَ إن عمَّت نوافلهُ الملا … وطبقَّن ظهرَ الأرضِ سهلاً وأجبلا

وفاتَ الورى فخراً ومجداً مؤثّلا … “فذا واحدُ الدنيا انطوى بردُه على

عليه العُلا قد دار إذ هو قطبُه … وفي فخرهِ من دهرِه ضاقَ رحبهُ

وبيتُ علاهُ سامَت الشُهب كثبُه … «رفيعُ مقامٍ أين ما حلَّ تُربُه

عظيمُ محلٍّ كان للفضلِ جوهرا … له رتبة ٌ طالت على الشمِّ مفخرا

لتأنف أن يستام عزَّة َ نخوتي … “على شرفاتِ المجدِ مغناهُ والورى

إذا هو بالايحاش بدَّلَ أُنسَه … تبيتُ صروفُ الدهرِ تُنكر مسَّه

همامٌ عليهِ يَحسِدُ الغدُ أمسَه … «تراه، ولو قد كان يخفض نفسَه

رفيعاً بحيثُ النجمُ لم يكُ ممسكا … بأَذيالهِ والفكرُ لم ير مَسلَكا

… ثبيراً على جنبِ الوثير قد اتكا

أعزُّ الورى نفساً وأزكى نجابة ً … وأسبقُ في الآراءِ منهم إصابة ً

وأبلَغُهم وسط النديِّ خِطابة ً … “له الفصحاءُ المفلقونَ مهابة ً

عليمٌ له نفسٌ عنِ الله لم تمل … ومن ذكرِ ما لم يرضِه لم يزَل وَجِل

ومنه وعنه العلمُ بين الورى نُقِل … “لقد ضاقَ صدر الدهر من بعض بثَّه الـ

وعمياءَ سُدَّت عن ذوي الرشدُ سُبُلها … تساوى بها علمُ الأنامِ وجهُلها

جلاها فتى ً تدري العلومُ وأهلُها … «إذا انعقدت عوصاء أُشكلَ حلُّها

وغامضة ٍ فهمُ الورى دونها انقطع … وليس لهم في حلِّ معقودِها طمع

إذا أعوصت في كشفِ غامضها صَدع … «فيوضحها بعد الغموضِ ولم يَدع

وكانت متى فاهت ذوو الحزم تخزِهم … فيرضوا بذلِّ العجزِ من بعدِ عزِّهم

وحتى تحاماها الفحولُ برمزِهم … وعنه أرَّم الناطقونَ لعجزِهم

تراه به عضبَ المضاربِ مُرهفا … إذا هو أمضى الحكمَ لن يتوقفا

فيمسي عليه طالبوا العلم عُكَّفا … “فيلقي إلى أذهانِها علمَ ما اختفى

ومن كلِّ طخياءٍ جلا كلَّ غبرة ٍ … بايضاحِ قولٍ عن لسانٍ كزبرُة ٍ

ولم يكُ إلاّهُ بحدّة ِ فكرة ٍ … «رشيدٌ بعينِ الحزمِ أوَّل نظرة ٍ

تُرُّد أُمورُ الناس في كلِّ مشكلٍ … إلى قُلَّبٍ، إن أشكل الرأى ، حُوَّلِ

ومن كلّ أمرٍ فاتحٌ كلَّ مُقفَلِ … «يُسدِّد سهمَ الرأى في كلِّ معضل

فتى ً معه المعروفُ يرحل رَحَل … وتنزل آمالُ الورى حيثما نزل

ببُرد التقى فوق العفاف قد اشتَمل … “ترى نفَسه من حبها الله لم تزل

حليفُ التقى ما انفكَّ لله شاكرا … وللنومِ، من حبِّ العبادة ِ، هاجرا

وفي وِردِه ما زال لليل عامرا … “يقوم إلى ما كان نَدباً مبادرا

فيجلو ظلامَ الليلِ منه إذا سجى … بغرّة ِ وجهٍ كالصباح تبلَّجا

وعن قلبِ مسجور الحشى يظهر الشجا … “وفي عين عاضٍ نادمٍ يسهرُ الدجا

فكم شادَ بالتقوى بيوتَ هدى ً دُرس … وقام بعينٍ جفنَها النوم لم يُدس

بأورادهِ يقضي دجا الليلِ في أُنس … «فيقصرَ عن أورادهِ ولو أنه اسـ

إذا لم يُفض يوماً على الدهرِ عفوهَ … أتاه منيباً يقبضُ الخوفُ خُطوه

ونادى بصوتٍ ليس يُرفعُ نحوَه … «فيا سابقاً لم يدرِكِ العقلُ شأوَه

ألا اسقِ رياضي، أنها اصفرَّ زهرُها … وضوء لياليَّ التي حُلن غرُّها

أَنر وجه أيامي التي اسودَّ فجرُّها … «فشمس بني العلياءِ أنت وبدرها

ونفسكما من كلِّ إثمٍ تقدَّست … وداركما قدماً على الجودِ أُسّست

وجودكما بالنورِ نته الربا اكتست … “وحلمُكما منه الجبالُ لقد رست

وإنكما عِقدانِ للفضل حليّا … وبدرانِ في أُفقِ المعالي تجلَّيا

وصقران في جوِّ المكارمِ جليَّا … “وغيثا عطاءٍ أنتُما يفضحُ الحيا

ضلالٌ لذي قصدٍ لغيرِ كما رحل … وأمسي له في غير جودِكما أمل

ألم يدرِ مذ جودُ الكرام قد اضمحل … بقيّة جودٍ للورى ذَخرُ وكما الـ

وأبقوكما في الأرضِ للخلقِ مقصدا … ليمسي عَلاهم فيكما مُتجدِّدا

ويبقى نَداهم في الزمانِ مخلّدا … لعلمِهمُ في موتِهم يُدجُ الندى

كأَنَّ الورى كانوا بنيهم وأنتما … أقاموكما فيهمِ كفيلاً وقيِّما

ومِن بعدِهم في ذلك العبء قِمتُما … فأحييتما ميتَ الندى فكأَنّما

توارثتُما منهم سماءَ مفاخرٍ … وزينتمُوها في نجومٍ زواهرٍ

وقد حزتما ما أحرزا من ذخائرٍ … وأحرزتما ما خلّفوا من مآثرٍ

كرامٌ على كلِّ الأَنام لهم يدُ … وبيتٌ علاهم في الزمانِ مُشيَّدُ

وليس عليهم زادَ في الفضلِ سيّدُ … لئن زادَ في معنى طريفٍ محمّدُ

وإن هم ببطنِ الأرضِ من قبلُ أضمروا … فإنَّ لعلياهُم معاليه مظهرُ

وطيُّ مساعيهم به عادَ يُنشرُ … وإن دُرِجوا موتى بعلياه عُمّروا

فمن جوهرِ العلياءِ كانوا فِرندَه … وأوَّل من أورى من الجودِ زندَه

درى الحيِّ فيهم والذي حلَّ لحده … هم شَرَعوا للجودِ في الناسِ نجدَه

فهل لسواها الزاخراتُ قد اعتزت؟ … وهل غيرُها سحبٌ إذا السحبُ أعوزت؟

لقد أحرزت بالوفرِ حمداً فبرَّزت … ولو لم تحز بالوفر حمداً لأَحرزت

إذا في الشتاءِ الشولِ غبراءُ رُوَّحت … ومصّ الثرى ماءَ الرياضِ فصوَّحت

فاّنهما فيها سيولٌ تبَّطحت … أناسٌ يرى في الكرخِ مَن فيه طوَّحت

سنا نارِهم قد صيَّروه نُعوتَهم … لمسترشدِ الظلماءِ كي لا يفوتَهم

لهم أوجهٌ يستصبِحونَ بها الملا … كأنَّ بدورَ التمِّ منهنَّ تُجتَلى

فلو قابلوا فيها دُجى الليلِ لانجلى … ولو وزنت فيهم شيوخُ بني العُلى

فطفلِهمُ حذَو المُسنِّ قد احتذى … وعزّتُهم أضحت لعينِ العِدا قَذا

وكلٌّ مِن الحسّادِ فيها تعوَّذا … وكلاًّ إذا أبصرتَ منهم تقولُ: ذا

رفيع عُلى ً لا يطلعُ الفكرُ نجدَه … حليفُ تقى ً لا يعلقُ الأثمُ بُردَه

أخو الحزمِ ما حلَّت يدُ الدهرِ عقدِه … إذا انعقدَ النادي تراهُ ووِلدَه

كأَنَّ عُقاباً فيه بين قشاعمٍ … وليثَ عرينٍ فيه بين ضراغمٍ

وصلَّ صَفاة ٍ فيه بين أراقمٍ … على أنهم فيه نجومُ مكارمٍ

بروقُ عُلاهم من سناها تكشَّفت … وكفُّهم للوفدِ من سيبهِ كَفت

وفي رحمة ٍ منه عليهم تَعطّفت … وأخلاقهمُ من حسنِ أخلاقهِ صفت

فلو نَفحت ميتاً لأحيته حقبة ً … ولو كنَّ في المسبوبِ لم يرَ سبَّة ً

ولو كنَّ في المكروبِ لم يرَ كربة ً … ولو ذاقها الأعداءُ كانوا أحبَّة ً

وجوُدُهم في المحل من جودِ كفِّه … وإن شمخت آنافُهم فبأنِفه

وَعرفُ عُلاهم فاحَ من طيب عرِفه … تضوَّع من أعطافِهم ما بعطفِه

أعزُّ بني الدنيا وأطيبُ عنصرا … لهم عاد عودُ الفضلِ فينانَ مُثمرا

وفيهم غدا صبحُ المكارمِ مُسفِرا … “سلالة ُ مجدٍ هم مصابيحُ في الورى

فتى ً مذ نشا تَدري جميعُ بني العُلى … «له مفخرٌ لو بعضَه اقتسمَ الملا

وسادوا بما حارَ النُهى في عجيبه … وبدرُ السمَا استغنى بهم عن مَغيبه

فأمسوا وكلٌّ مشرقٌ في غروبه … “وأصبح كلٌّ سامياً في نصيبه

وشأوٌ ذوو العلياءِ لا يعلقونَه … وكنهٌ ذوو الأفهامِ لا يُدركونه

وقدرٌ يغضُّ الدهرُ عنه جُفونَه … «وعزٌّ أكفُّ الدهر تُحسَمُ دونه

وحلمٌ يُراديه الزمانُ بخطبِه … فيُلفيه أرسى من أبانٍ وهضبِه

وفهمٌ لسقمِ الجهل شافٍ بطبّه … “ورأيٌ يرى ما غابَ من خلف حجبه

يَبيتُ على حفظِ العُلى غيَرها جد … ويبذلُ فيها من طريفٍ وتالد

وتبصرُ منه عينُ كلِّ مُشاهد … «فتى ً قد رقى العليا بهمَّة ِ ماجد

ومن ساعة ِ الميلادِ في حبِّها صبا … وكانت له أُمّاً وكان لها أبا

فإن تعتجب مِن ذا تَجد منه أعجبا … «إذا ما تراءى محتبٍ شُكَّ في الحُبا

فإن قلتَ: هذا مرهفٌ كان أرهفا … وأخلاقهُ: هنَّ الصبا كنَّ ألطفا

وإن قلت: ذا ماءُ السما لستَ منصفا … «لعمرك ما ماءُ السماءِ وإن صفا

وَهوبٌ لو انَّ البحرَ في كفِّه فُني … وآملُه عن صيّبِ المزنِ قد غُني

حميدَ سجاياً للمكارمِ يقتني … “فريدة ُ هذا الدهر لو لم نجد بني

كرامٌ بهم ربعُ المكارمِ رُوّضا … وصبحُ العلى من نورِهم عادَ أبيضا

همُ في علاهم خيرُ من ضمَّه الفَضا … “فروُعُ على ً منها محمدُ الرضا

سحابٌ على الوُفّادِ نائلهُ مُطِل … وسحبانُ يمشي في فصاحتِه ثَمِل

فإن تُقصرَن في مدح علياهُ أو تُطِل … “فلا أحنفٌ يحكيه بالحلم لا وبالـ

… وأسُّ العُلى مذ كان تربٌ لأُسّه

وإن يومُه أثنى عليهِ كأَمسه … «فهمّتهُ في الجودِ طبقٌ لنفسه

فلا وفدَ غيثُ جدواهُ عَمَّهُ … وشابَهَ في الجدوى أباهُ وعمَّه

ومذ بَشَّرت فيه القوابلُ أُمَّه … “سعى طالباً أوجَ المعالي فأَمَّه

… تلوحُ إذا بالمصطفى فيهما اتَصل

فحلَّوا جميعاً رتبة ً دونَها زُحل … “وكلّهم جاءوا على نسقٍ من الـ

أُولي الحمدِ في عالي الثناءِ شفعتمُ … وإن عنه في معروفِكم قد غنيتمُ

تهشُّون شوقاً إن دعا من دعوتمُ … “بني المجدِ من أبكارِ فكري خطبتمُ

بدايعُ أفكارٍ لها الصِيدُ أذعنت … وفي حجبِ الأفكارِ عنهم تحصَّنت

لها مارَنوا يوماً ولا لهم رنت … «ولكن رأتكم كفوَها فتزيَّنت

فلو شامَها الأعشى تحيَّر وامتحَن … وإن زُهيراً لو يراها بها افتتَن

وأَبَّى لحسّانٍ كمنظومِها الحَسن … «لها من بديعِ القولِ نظمٌ بكم إذ النـ

على فترة ٍ في الشعر إن قيل يُنبذِ … وإن قد بدا لا طَرفَ إلاّ وقد قُذي

ظهرتُ بنظمٍ فيه ما قِتُهُ غّذي … «ولي أذعنت آياتُه وأنا الذي

فَنظَّم من ألفاظِه الدرَّ مِقولي … وفي النظمِ يبديه كعقدٍ مفصَّلِ

بديعَ معانٍ إن أفه فيهِ يُنقل … «إذا ما تلوه في العراقِ بمحفل

فكم قد تبدَّت فيهِ للناس دُرَّة ٌ … وكم قد تجلَّت منه للشمسِ ضَرَّة ٌ

ومبصره قد قال: هل هو زُهرة ٌ … «وسامعهُ قد شكَّ هل فيه خمرة ٌ

حكى الروضة َ الغنّاءَ حسنُ بهائه … وفاقَ على شهبِ الدُّجا بسنائِه

وأخفى ضياءَ الشمسِ نورُ ضيائه … «وقد زاد في تضميخهِ بثنائِه

أَرمَّ لدى إنشادها المفصحُ اللَسِن … وطاش حجى الفَهّامة ِ الحاذِقِ الفَطِن

فما أنا في إنشائِه قَطُّ مغتبنِ … «ولستُ باطرائي له مزدهٍ وإن

ولا أنا مَن يُعلي القريضُ محلَّه … ولا مَن يزيدُ النظمُ والنثرُ فضلَه

حويتُ بقومي المجدَ والفضلَ كلَّه … «وما في نظامِ الشعر حمدٌ لِمن لَه

ومفخرهُ سامي السما بعَليِّه … وعزتُه موصولة ٌ بقُصيِّه

وسؤددُهُ إرثٌ له مِن لويَّه … «وبني النبي المصطفى ووصيِّه

وإن نظاماً انتجته رويَّتي … لنأنف أن يستام عزَّة َ نخوتي

فما سمحت إلاّ لكم فيه فِكرتي … «فدونكموه فهو في زُبُري التي

ولا نضبتِ من كفّكم أبحرُ الندى … ولا أَفَلت من أُفقِكم أنجمُ الهدى

ولا زَالَ ربعُ المجدِ فيكم مشيَّدا … “ولا برحت علياكمُ تُسخِطُ العِدى