أَيَعْقِلُ حُزْني عَنْ وَدَاعِكَ مَنْطِقِي – خليل مطران

أَيَعْقِلُ حُزْني عَنْ وَدَاعِكَ مَنْطِقِي … وَأَعْلَمُ أَنَّا عَنْ قَرِيبٍ سَنَلْتَقِي

صَدِيقِي لاَ تَبْعَدْ فَمَا أَنَا مُبْتَغٍ … مِنَ الْعَيْشِ إِنْ تَبْعَدْ وَمَا أَنا مُتَّقِ

سَبَقْتَ وَفِي قَلْبِي أَسىً لِتَخَلُّفِي … وَمَنْ يَجْرِ فِي المضْمارِ جِرْيَكَ يَسْبَقِ

فَوَا حَرَبَا مَا لَوْعَةُ الشَّوْقِ فِي غَدٍ … وَبِي قَبْلَ أَنْ تَنْأَى لَظى مِنْ تَشَوُّقِي

وَيَا شَجْوَ أَطْفَالٍ ضِعَافُ تَرَكْتَهُمْ … وَكُنْتَ عَلَيْهِمْ مُشْفِقاً أَيَّ مُشْفِقِ

أَفِي الْحَقِّ أَنْ تُلْفَى مَدَى الدَّهْرِ هَاجِعاً … تَمُرُّ بِكَ الأَحْدَاثُ غَيْرَ مُؤَرَّقِ

وَلَنْ تَنْظِمَ الآرَاءَ نَظْمَ مُوَفِّقٍ … وَلَنْ تَنْثُرَ الآلاَءَ نَثْرَ مُفَرِّقِ

وَلَنْ تُعْمِلَ الأَقْلاَمَ وَهْيَ أَسِنَّةٌ … فَتَطْعَنَ أَهْلَ الْبَغْي فِي كُلِّ مَفْرِقِ

إِذَا بَانَ سَرْكِيسُ الأَدِيبُ فَمَنْ لَهُ … بَرَاعَةُ مُفْتَنٍّ وَعِلْمُ مُحَقِّقِ

وَمَنْ يُبْتَغَى لِلأُنْسِ فِي كُلِّ مَحْفِلٍ … وَمَنْ يُرْتَجَى لِلْغَوْثٍ فِي كُلِّ مَأْزِقِ

ذَكَاءٌ لَهُ لَمْعُ الْوَمِيضِ إِذَا وَرَى … فَأَشْرَقَ فِي جَوْنٍ مِنَ السُّحْبِ مُطْبِقِ

وَمَعْنىً كَتَفْتِيحِ الأَزَاهِرِ بَهْجَةً … وَلَفْظٌ كَمَاءِ الْجَدْوَلِ المُتَرَقْرِقِ

وَلُطْفُ حَدِيثٍ يُطْرِبُ السَّمْعَ آخِذٌ … لِكُلِّ طَرِيفٍ يَشْرَحُ الصَّدْرَ مُونِقِ

وَمُبْتَكَرَاتٌ كُلَّ آنٍ جَدِيدَةٌ … لَهَا مِنْ أَفَانِينِ الحِلَى كُلُّ رَوْنَقِ

إِلى خُلُقٍ مَهْمَا يَقُلْ فِيهِ مَادِحٌ … ثَنَاءً عَلَيْهِ قَالَتِ النَّاسُ أَخْلِقِ

وَعَزْمٌ كَأَنَّ الدَّهْرَ نَاطَ بِبَعْضِهِ … هُمُومَ الْوَرَى مَا بَيْنَ غَرْبٍ وَمَشْرِقِ

لَقَدْ شَغَلَتْهُ بِالْعُلَى عَنْ حُطَامِهَا … حَيَاةٌ بِهَا إِنْ تُعْنَ بِالرِّزْقِ تُرْزَقِ

فَإِنْ لَمْ يُعْنِ أَهْلُ الحِطَامِ أَدِيبَهُمْ … فَهَلْ ذَنْبُهُ أَنْ كَانَ غَيْرَ مُوَفَّقِ

فَدَيْتُكَ لَوْ فِي الأَرْضِ حَيٌّ مُخَلَّدٌ … بِفَضْلٍ لَكُنْتَ المَرْءَ مَا بَقَيْتَ بَقِي

وَفَيْتَ لَهَا بِالقِسْطِ لَكِنْ تَنُكَّرَتْ … مَنَازِلُهَا فَابْغِ السَّمَاوَاتِ وَارْتَقِ