يا دار أهلك بالسلامة عادوا – خليل مطران
يا دار أهلك بالسلامة عادوا … لا النفي أنساهم ولا الإبعاد
بشراك إن كان الذي أملته … والكائدون تميزوا أو كادوا
ذادوا جسوماً عن تحية ركبهم … هل عن تحيته النفوس تذاد
زارته قبل عيوننا آمالنا … وتقدمت أبدانها الأكباد
اليوم عيد في الكنانة كلها … هيهات تدك جاهه الأعياد
كاد الصفاء به يتم لأهلها … لو لم تشب ذاك الصفاء حداد
فلحكمةٍ يخشى الجبابر بأسها … ويخاف لفتة عدلها الحساد
ضدان جاءا في مقامٍ واحدٍ … لم تجتمع في مثله الأضداد
بالساعة البيضاء حين تبلجت … أذن المهيمن أن يلم سواد
تلك النهاية في تجلة أمةٍ … لملوكها ما أخلوا وأفادوا
مهما يكن فرح فليس ببالغ … فرح اللقاء وما به ميعاد
كيف اغتباط عشيرةٍ محضتهم … منها الولاء وما يظن معاد
ظلت على رعى الذمام مقيمةٍ … وتغير الآناء والآراد
لقلوبها أرب وحيدٌ شاملٌ … ومآرب الناس العداد عداد
والقوم إن صدقوا الهوى أيمانهم … فمرادهم أبد الأبيد مراد
أهلاً وسهلاً بالألى لهمو على … قربٍ وبعدٍ ذمةٌ ووداد
النازلين من السواد بحيث إن … فات العيون فللقلوب سواد
الشائقين نهى العباد وما رأى … منهم سوى الأثر الجميل عباد
لا بل رآهم كل راءٍ فضلهم … فما كسبوا أو أطعموا أو شادوا
من كل مفخرةٍ تعضد حسنهم … فيراه في تصويرها الأشهاد
الشمس في أوج السماء ورسمها … في الماء يدنيه السنى الوقاد
ولها بتعداد الأشعة في الندى … صورٌ يضيق بحصرها التعداد
في كل صنعٍ يجتلى صناعه … وبجودها تتمثل الأجواد
شرفت أم المحسنين مباءةً … هش النبات بها وبش جماد
ووازينت بك بعد أن خلفتها … وكأن زخرفها عليه رماد
فإذا نظرت فكم جديد حولها … تزهى به الأغوار والنجاد
النيل ضحاك إليك بوجهه … بشراً وقد يلفى شجاه بعاد
والروض مهديةٌ إليك سلامها … فتسمعي ما يحمل الإنشاد
البلبل المحكي يوقع لحنه … والطير مجمعةً تقول يعاد
أي الجزاء يفي بمالك من يد … بيضاء ليس يفي بها الأجماد
بل من طوالع للسعود بعثتها … في كل موقعٍ شقوةٍ ترتاد
أو من مفارخ في البلاد ثوابتٍ … أخلدتها ولمثلها الإخلاد
تبنين للوطن الرجال وإنما … هم في مدارس شدتها أولاد
ومن الرمال تصاغ أصلاد الصفا … وبهن تحمي الوادي الأطواد
للَه بين بني نوالك فتيةٌ … طلبوا الفنون فأتقنوا وأجادوا
زادوا كنوز الشرق من تحف بما … في الغرب قصر دونه الأنداد
وأتوا ضروباً من بدائع حذقهم … خلابةً لم يأتها الأجداد
فاليوم تجمل في فخار بلادهم … مستحدثات العصر والأبلاد
وسوى المدارس كم بيوت عبادةٍ … أسست حيث تشتت العباد
ومضايفٍ وملاجئٍ ومواصفٍ … تشفي بها الأرواح والأجساد
تلك الفضائل نولتك مكانةً … في الناس قبلك نالها أفراد
واستعبدت لك يا مليكة معشراً … حراً يشق عليك الاستعباد
يا خير منجيةٍ لأسنى من نمى … في النبعتين أعزةٌ أمجاد
للمالكين السائدين بنى الأولى … ملكوا زمام العالمين وسادوا
لو صوروا شخص الكمال لكنته … وبحسن فعلك حسنه مزداد
ما غبت عنا كيف غيبة من لنا … في كل مكرمةٍ بها استشهاد
ذكراك في أفواهنا يحلو لنا … تردادها إن أسأم الترداد
وحياض رفدك لم تشح ولم يزل … عنها كعهدك يصدر الوراد
عيشي طويلاً وابسطي الظل الذي … هو رحمةٌ ونزاهةٌ ورشاد
إني رفعت تهانئي وقبولها … هو من لدنك السعد والإسعاد
حررتها وسواد عيني يشتهي … لو كان منه للسطور مداد