وداع – بدر شاكر السياب
اريقي على ساعدي الدموع … و شدي على صدري المتعب
فهيهات ألا أجوب الظلام … بعيدا إلى ذلك الغيهب
فلا تهمسي / غاب نجم السماء … ففي الليل أكثر من كوكب
وهل كان حلم بغير انتهاء … و هل كان لحن بلا آخر ؟
لكي تحسبي أن هذا الغرام … أبيد الرؤى … خالد الحاضر
و أنا سنبقى نعد السنين … مواعيد في ظله الدائر ؟
على مقلتيك ارتماء عميق … و ذكرى مساء تقول ارجع
نداء بعيد الصدى كالنجوم … يراها حبيبان في مخدع
يكاد اشتياقي يهز الحجاب … و تومي ذراعي : هيا معي
سأمضي … فلا تحلمي بالإياب … على وقع اقدامي النائية
و لا تتبعيني إذا ما التفت … ورائي إلى الشمعة الخابية
يرنحها في يديك النحيب … فتهتز من خلفك الرابية
ستنسين هذا الجبين الحزين … كما انحلت الغيمة الشاردة
و غابت كحلم وراء التلال … بعيداً.. سوى قطرة جامدة
ستنثرها الريح عما قليل … و تشربها التربة الباردة
ورب اكتئاب يسيل الغروب … على صمته الشاحب الساهم
وأغنية في سكون الطريق … تلاشت على هدأة العالم
أثارا صدى تهمس الذكريات … إذا ماانتهى همسة الحالم
غداً.. حين يبلى وراء الزجاج … كتاب عليه اسمي الذابل
و تنفض كفاك عنه الغبار … و يخلو بك المخدع القاحل
سيلقاك و جهي خلال السطور … كما يسطع الكوكب الآفل
إذا ما قرأن اللقاء الاخير … تمنيت، في غفلة هاربة ،
لو استرجعت قبضتاك السنين … لو استرجعت ليلة ذاهبة
و لكن شيئاً حواه الجدار … تحدى أمانيك الكاذبة
تلفت عن غير قصد هناك … فأبصرت.. بالانتحار الخيال
حروفا من النار..ماذا تقول ؟ … لقد مر ركب السنين الثقال
و قد باح تقويمهن الحزين … بأن اللقاء المرجى..محال