نفرتْ والظباءُ ذاتَ نفارِ – مصطفى صادق الرافعي
نفرتْ والظباءُ ذاتَ نفارِ … وتجنتْ عليهِ ذاتَ السوارِ
لم يكن يعرف الهوى فرآها … ورأى زهرة الهوى في الإزارِ
ورنتْ عينها إليهِ بأن لا … تتبعنا فمرَّ في الآثارِ
يتوارى عن العيونِ وإن لم … يكُ عن كاتبيهِ بالمتواري
ويدورُ الهوىبلحظيهِ ما بي … نَ يمينٍ تخوفاً ويسارِ
وهي تختالُ كالغصونِ إذ ما … لَ بهنَّ النسيمُ في الإسحارِ
أو مهاةِ النقا إذا رأتِ القا … نصَ لكنها بغيرِ انذعارِ
يحسبُ الناسُ طيبها نفسُ الصب … حِ على زهرةِ روضةٍ معطارِ
ويظنونها من الحورِ لولا الحو … رُ محجوبةٌ عن الإبصارِ
ويخالونَ وجهها قمرَ الأف … قِ على ما بأوجهِ الأقمارِ
ويقولونَ فتنةٌ قد برَّها اللَّ … هُ سبحانه فجلَّ الباري
خطرتْ تخطفُ القلوبَ وقد سلَّ … تْ سيوفاً من لحظها البتّارِ
في دلالٍ تجرُّ مثلَ الطواوي … سِ على عجبهنَّ فضلُ الإزارِ
والثرى كلُّهُ قلوبٌ ضعافٌ … خشيتْ صولةَ الهوى الجبارِ
والفتى يتبعُ الفتاةَ وقد أم … سى بما مسَّ قلبهُ غيرُ دارِ
ورأى قصرها فطارَ وطارتْ … وادعى وادعتْ حقوقَ الجوارِ
وأتتهُ يلوحُ في وجهها البش … رُ وحيتْ تحيةَ استبشارِ
ينثني خلفها من الخُرَّدِ العي … ن ِرياحينٌ طبنَ كالأزهارِ
هنَّ رباتُ كلِّ ذاتِ جمالٍ … ولها وحدها خلقنَ جواري
فنشرنَ الكؤوسَ وانبعثَ الله … و وقامتْ قيامةُ الأوتارِ
وحكى صوتهنَّ أصواتَ داو … دَ فهبتْ سواجعُ الأطيارِ
وتراخى الظلامُ فانفجرَ الصبحُ … وسالتْ ذكاءُ سيلَ النضارِ
وبكى الغيدُ رحمةً لفتاهنَّ … ولكن بمدمعٍ غيرَ جاري
ثمَّ ودَّعنهُ فقامَ حزيناً … ينثني بينَ ذلّةِ وانكسارِ
ولو أنَّ الهوى يمسُّ قلوبَ الأُس … دِ ذلتْ نفوسُ تلكَ الضواري
لا وذاتِ السوارِ ما نقضَ العهدَ … ولا خانهُ لا وذاتِ السوارِ
صانَ أسرارها وباحتْ بما في … صدرها من ودائعِ الأسرارِ
وأصاختْ إلى الوشاةِ فلجتْ … في التجني ولجَّ في الاعتذارِ
واستعارَ الزمانُ ايامَ ذاكَ الأُ … نسِ والدهرُ لا يردُ العواري
ونأتْ دارها فباتَ بلا قلبٍ … ولا مسعدٌ سوى التذكارِ
وجنونُ المحبِّ يومَ تراهُ … في ديارٍ وقلبهُ في ديارِ