ما لي شرقت بماءِ ذي الأثلِ – مهيار الديلمي
ما لي شرقت بماءِ ذي الأثلِ … هل كدَّهُ الورَّادُ من قبلي
أم بانَ سكَّانُ فأملحَ لي … ماكان قبلَ البين أستحلي
ونعمْ لهم تلك النِّطافُ صفتْ … وامتدّ سابغُ ذلك الظلِّ
وبحيِّهم يشتاق حاضره … بالرِّيف باديهُ على الرملِ
لا ابيضَّ لي في الدار بعدهمُ … يومٌ وهل دارٌ بلا أهلِ
رحلوا بأيامي الرقاقِ على … آثارهم وبعيشيَ السهل
وعكفتُ بعدهمُ على ضمنٍ … عرف الهوى فبلي كما بيلي
جسدي ودمنتهُ بما نحلا … يشاكيان تصدُّع الشملِ
مغنى ً وضعنا أمسِ من شعفٍ … سافى ثراه مواضعَ الكحلِ
فاليومَ نحنُ على الوفاء له … نستافه بمناسم الإبلِ
في الظاعنين علاقة ٌ عقدتْ … عندي الحفاظَ فلم تخف حلّي
أودعتها قلبي فما قنعتْ … بالقلب حتى استفضلتْ عقلي
فعلى محاسنها وقد هلكتْ … تلك الوديعة ُ قيمة ُ المثلِ
لما جلا التوديعُ صفحتهُ … عن وقفة ٍ زفراتها تغلي
قالت وقلبي من لواحظها … ينصاعُ بين النَّصلِ والنَّصلِ
ما ذنبُ أجفاني إذا خلقتْ … من طينة البلبالِ والخبلِ
إني لأرحمُ من يناضلني … نظرا وبين محاجري نبلي
قد خوِّف العشاقُ قبلكَ من … فتكاتِ هذي الأعينِ النُّجلِ
فلحاظُ عيني من دمٍ سفكتْ … بعد النذير إليك في حلِّ
ما لمتُ طرفكِ أختَ غاضرة … في السقم عن شكّ ولا جهلِ
ما قلتُ لا تسبِ العقولَ وإنما … خوَّفته الإسرافَ في القتلِ
قد كنتُ أعلمُ أنه أجلٌ … لكن ظننتُ زمانه يملي
ومعنِّفين وما لهم ولهى … لم يكترثْ بفراغهم شغلي
قد نازل اللوامُ قبلكمُ … سمعي فما افتتحوه بالعذلِ
وخدعتُ عن وفري وما خدعتْ … عن ذمة ٍ نفسي ولا إلِّ
نسبُ الوفاءِ الحرِّ في شيمي … نسبُ المكارم في بني عجلِ
المانعين فخارَ بيتهمُ … للعزِّ والجيرانَ للذُّلِّ
ويحلُّ للأيام كلُّ حمى ً … وسروحهمُ في جانبٍ بسلِ
لا تطمع الغاراتُ في طرفٍ … جمعوه في طردٍ ولا شلِّ
والمطعمين إذا انبرت سنة ٌ … عضَّاضة ٌ بنيوبها العصلِ
بسطوا مكانَ الغيث أيديهمُ … فيها فكنَّ قواتلَ المحلِ
من كلّ وافى الحلم معتدل ال … أخلاقِ ما لم يلقَ بالجهلِ
حتى إذا التُمستْ هضيمته … لمس المغرَّر جلدة َ الصِّلِّ
يغشى الطعان بغشمِ منصلتٍ … غرٍّ ورأى مجرِّبٍ كهلِ
وإذا السواعد بالقنا ارتعشت … دعمَ القناة َ بساعدٍ عبلِ
وإذا ارتأى النادي أو انعقدت … حلقاته للعقدِ والحلِّ
كانت له والحزمُ مشتركٌ … أمُّ الكلامِ وقولة ُ الفصلِ
قوم إذا نسبوا أبا دلفٍ … ذهبوا بجلِّ البأس والبذلِ
وكفاهمُ فخرا بواحدهم … فخر القبيل بكثرة النسلِ
سارت بهم أيّام سؤدده … سيرَ الحديث بمعجز الرُّسلِ
وأتى الوزيرُ فكان بيِّنة ً … كفلتْ لهم بسلامة ِ النقلِ
وصفتْ شهادته مغيَّبهم … والفرعُ مبنيٌّ على الأصلِ
رويتْ لنا قولا فضائلهم … ونصرتَ ذاك القولَ بالفعلِ
أدَّيت عنهم وافيا لهمُ … بأمانة ِ التبليغ والحملِ
ورأيت نفسك تقتضي شرفا … فضلَ المزيدِ فزدتَ بالفضلِ
أعطوا على سعة الزمان كما … تعطى وتضعفُ أنت في الأزلِ
وكفوا ولو قاموا مقامك في ال … أحداثِ لم يبلوا كما تبلي
جذبتْ بك الهممُ الكبارُ فقد … نلتَ السماءَ وأنتَ تستعلي
وهدتك آراءٌ مظفَّرة ٌ … فتحتْ عليك مغالق السُّبلِ
ونهضتَ بالملك الذي لويتْ … منه ظهورُ الجلَّة ِ البزلِ
أعيا الرجالَ أوانَ خفّتهِ … وحملته متفاوتَ الثِّقلِ
أرسلتَ فيه بآية خرقتْ … ما كان في العادات والعقلِ
جرحٌ تواكله الأساة على … ولغِ المسابرِ فيه والفتلِ
بعلوا به مستضعفين له … فحسمته من جانبٍ سهلِ
عضدت كفايتك السعودَ كما … عضد القرانُ الحبلَ بالحبلِ
وأمدّك اللهُ المعونة َ في … عزميك من سيرٍ ومن حلِّ
أرضاه باطنك المخلَّصُ من … غشٍّ يرين عليه أو غلِّ
ولاّك أمرَ عباده نظرا … منه فما تدهى من العزلِ
وحمتك منه أن تنالَ يدٌ … تنجو بها من زلَّة الرجلِ
وملكتَ أهواءَ القلوب فما … تسلى على هجرٍ ولا وصلِ
عافيتَ أهلَ الأرض من سقمٍ … عرضوا له بالمال والأهلِ
وغدوا يعدُّون البقاءَ ردى ً … والعزَّ للأوطان كالذلِّ
في فترة ٍ عمياءَ جائرة ٍ … فظهرتَ بالإحسان والعدلِ
ومزجتَ بالبشر المهابة َ وال … إرهابَ بالإرفاقِ والمهلِ
والسيفُ يقطع عن طبيعته … ويروق بالشَّعشاعِ والصَّقلِ
عقمتْ فلم تلد الوزارة ُ مذ … ولدتك بل زكّيتَ في الحملِ
ما طرَّقتْ بك وهي راجية ٌ … جريانَ مثلك في مطا فحلِ
كنتَ ابنها البرَّ الوصولَ فلا … ذاقت بفقدك جرعة َ الثُّكلِ
وفداك كلُّ محافزٍ حسدا … جاريته ففلجت بالخصلِ
تجري وتعقله وراءك أر … ساغٌ من التقصير في شكلِ
وقدمتَ أيمنَ قادم وضعت … رجلاه عن سرجٍ وعن رحلِ
أوبَ الغمامة بعد ما انقشعت … بمفوَّف الأخلافِ منهلِّ
وهنتك ضافية ٌ تعلَّقُ في … عطفيك من ظهرٍ ومن قُبلِ
شدَّ النضارُ ضعيفَ منكبها … حتى أقامَ بها على رجلِ
لحمتْ على قدرٍ صبائغها … فالشكل موضوعٌ على الشكلِ
وعريقة في القريتين لها … بيتان من دقٍّ ومن جلِّ
فإهابها من بيت خفَّتها … وحليُّها من بيتها الجثلِ
بأخي وتفضله لقد جمعتْ … زنة َ الوقارِ وخفة الحملِ
ألقى عليك الملكُ تكرمة ً … لم تلقَ عن كتفيه من ثقلِ
فلبستها للصون تسحبها … ومساحبُ الأذيال للبذلِ
بك عزَّت الآدابُ واثَّأرتْ … من بعد ما نامت على الذحلِ
رخصتْ على قومٍ فقام لها … منك المنافسُ دونها المغلي
ورددتَ عن لحمي أراقمه … دوداً وهنَّ يدٌ على أكلي
أنهضتني بالدهر أحمله … وصروفه كلٌّ على كلِّ
وفعمتَ لي بحرا وقد قنطتْ … شفتي من الأوشال والضَّحلِ
وفسحتَ فانفسحت مضيَّقة ٌ … مجموعة ُ الطرفين في عقلِ
قبضتْ خطاي فلم تكن قدمى … فيها لتملأَ حافتي نعلي
ولقد أنستُ بها على مضض … أنسَ الأسير بحلقة ِ الكبلِ
فوصلتَ في المقطوع ممتثلا … أمرَ العلا ووسمتَ في الغفلِ
ونسختَ لي بالجود كلَّ يد … وضعت شريعتها على البخلِ
نقد المكارم عندها عدة ٌ … حتى يموتَ الوعدُ بالمطلِ
فلئن جزى جزلَ العطاء فتى ً … حرُّ اللسانِ بمنطقٍ جزلِ
فلأصفينَّك كلَّ سائرة ٍ … في الريح سائلة ٍ مع الوبلِ
رفاعة ٍ في الأرض خافضة ٍ … بالشكر من حزنٍ إلى سهلِ
لا ترهبُ الشِّقَّ المخوفَ ولا … تظما إلى نهلٍ ولا علِّ
ووراء أبواب الملوك لها … رفعُ الحجاب ورتبة ُ القبلِ
ومتى نكلتُ عن الجزاءِ فلم … ينهض بكثرك في العلا قلِّي
علّمتني ووصفتَ نفسك لي … فطفقتُ أكتب عنك ما تملي
تلقاك أيامُ السعود بها … وصّالة ً محبوبة َ الوصلِ
يتخايل النيروزُ إن جعلتْ … حلياً على أعضائه العطلِ
فتملَّها وتملَّه أبدا … ما خولف الإحرامُ بالحلِّ
وأعنْ وتممْ ما ابتدأتَ به … فالبعض مرتهنٌ على الكلِّ
واعرفْ لهذي الأرض أن ولدتْ … أزمانَ ملكك مادحا مثلي