عُمْرٌ قَطَعْتَ مَدَاهُ قَبْلَ أَوَانِ – خليل مطران
عُمْرٌ قَطَعْتَ مَدَاهُ قَبْلَ أَوَانِ … خُذْ بِالمُخْلَّدِ وَاعْدُ مَا هُوَ فَانِ
مَا زِلْتَ فِي جِدٍّ وَجَدٍّ عَاثِرٍ … حَتَّى سَمَوْتَ وَدُونَكَ القَمَرَانِ
عَجَّلْتَ بَيْنَكَ فِي جِهَادِكَ فَاحْتَوَى … مَعْنَى الشَّهَادَة وَهْيَ ذَاتُ مَعانِ
أَعْزِزْ عَلَى أَهْلِ النُّهَى أَلاَّ تُرَى … فِي الشَّوْطِ حِينَ تَسَابُقِ الأَقْرَانِ
وَعَلَى النَّديِّ مَكَانُكَ الخَالِي إِذَا … رَنَتِ العُيُونُ إِلَى أَعَزِّ مَكَانِ
مِنْ آلِ عَقْلٍ لا يَخِرُّ مُكَافِحٌ … حَتَّى يَلُوحَ مِنَ الصُّفُوفِ الثَّانِي
غُرٌّ مِنَ الفِتْيَانِ مَا بَرِحْتَ لَهُمْ … فِي الصَّالِحَاتِ البَاقِيَاتِ يَدَانِ
لِي فِيهِمُ الأَصْفَى مِنَ الأَحْبَابِ لا … أَعْدَمْهُ وَالأَوْفَى مِنَ الخُلاَّنِ
وَهَبُوا النَّفَائِسَ وَالنُّفُوسَ كَأَنَّهَا … فَضَلاتُ زَادٍ فِي هَوَى لُبْنَانِ
وَإِذَا ذَكَرْتَ فِدَى سَعِيدٍ مِنْهُمُ … وَضَحَتْ صَحِيفَتُهُمْ مِن العُنْوَانِ
مَاذَا دَهَى الأَفْرَاخَ فِي ظِلٍّ ضَحَا … عَنْ أَيْكَةٍ فِي نَعْمَةٍ وَأَمَانِ
كَشَفَتْ مُفَاجَأَةُ الرَّزِيئَة سِتْرَهَا … وَانْتِيبَ مَأَلَفُ عِزِّهَا بِهَوَانِ
لا لاَ وَيَأْبَى العَدْلُ ذَاكَ مَثُوبَةً … لِمُخَلِّفٍ ذِمَماً عَلَى الأَوْطَانِ
أَبْكِيكَ يَا خِدْنِي وَكَمْ مُتَقَدِّمٍ … أَمْسَيْتُ أبكِيه مِنَ الأَخْدَانِ
كَثرَتْ جِرَاحَاتِي وَأَحْدَثُ مَا أَتَى … مُتَلاحِقاً وَأَمَضُّهُ جُرْحَانِ
أَخَوَانِ فِي عَامٍ رُزِئْتُهُمَا وَمَنْ … كَانَا لَعَمْرِي ذَانِكَ الأَخْوَانِ
بِالأَمْسِ كُنْتَ عَزَاءَ قَلْبِي عَنْهُمَا … وَاليَوْمَ قَلْبِي فَاقِدُ السُّلْوَانِ
يَا شَاعِرَ العَرَبِ الَّذِي آثَارُهُ … جَمَعَتْ عُيونَ الشِّعْرِ فِي دِيوَانِ
صُغْتُ القَرِيضَ فَرَاحَ يَبْهَى فِي الحِلَى … مَا صِيغَ مِنْ دُرٍّ وَمِنْ عِقْيَانِ
أَللُّطْفُ فِي تَأْلِيفِه وَالظَّرْفُ فِي … تَصْرِيفه صِفَتَانِ بَيِّنَتَانِ
تَتَبَارَيَانِ جَزَالَةً وَسُهُولَةً … وَإِلَى اسْتِلابِ اللُّبِّ تَسْتَبِقَانِ
مَنْ يَنْظِمُ المَعْنَى الدَّقِيقَ وَيُحْكِمُ المَبْ … نَى الرَّقِيقَ بِذَلِكَ الإِتْقَانِ
قَوْلٌ أَعَارَتْهُ الطَّبِيعَةُ زِينَةً … خَلاَّبَةً مِنْ حُسْنِهَا الفَتَّانِ
مَا أَجْمَلَ الصُّوَرَ الَّتِي تُجْلَى بِهِ … فِي أَبْهَجِ الأَنْوَارِ وَالأَلْوَانِ
لَمْ يَنْصُرِ الفُصْحَى كَنَصْرِكَ جِهْبَذُ … مُتَضَلِّعٌ مُتَوَسِّعٌ فِي آنِ
قَوَّى مَعَاقِلَهَا وَدَرَّبَ نَشْأَهَا … فَبَنَى لَهَا جُدُراً مِنَ الأَرْكَانِ
وَأَقَرَّهُ فِي الصَّدْرِ مِنْ دِيَوانِهِمْ … أَشْيَاخُهَا بِالطَّوْعِ وَالإِذْعَانِ
وَاحَسْرَتَا إِنَّ الكِنَانَةَ لَمْ تَفُزْ … بِأَثَارَةٍ مِنْ ذَلِكَ العِرْفَانِ
أُدَبَاءَ لُبْنَانَ الكِرَامَ عَزَاءَكُمْ … إِنَّا لَمُشْتَرِكُونَ فِي الأَحْزَانِ
هَلْ حَلَّ خَطْبٌ بِالشَّآمِ وَأَهْلِهِ … إِلاَّ تَقَاسَمَ شَجْوَخُ القُطْرَانِ
إِنْ لَمْ تَرَوْنِي فِي الجَمَاعَة حَاضِراً … جِسْماً فَإِنِّي حَاضِرٌ بِجَنَانِي
مَا بِي وَنىً عَمَّنْ دَعَانِي مِنْكُمُ … لَكِنَّ حُكْماً لا يُرَدُّ عَدَانِي
شَأْنُ الصِّحَافَة أَنْ تُشَرِّفَ مَنْ بِهِ … شَرُفَتْ وَمَنْ أَوْلَى بِذَاكَ الشَّانِ
أَدُّوا حُقُوقَ نَقِيبِهَا وَخَطِيبِهَا … فَأَدِيبِهَا المُتفَوِّقِ الفَنَّانِ
أَلكَاتِبِ الحُرِّ المُجِيد النَّائِبِ ال … بَرِّ الشَّديد العَزْمِ وَالإِيمَانِ
رَجُلٌ قُصَارَى جُهْدهِ فِي قَوْمِهِ … نَصْرُ المَضِيمِ أَوِ افْتِكَاكُ العَانِي
يَحْمِي حَقِيقَتَهُمْ وَحُرِّيَّاتِهِمْ … بِشَجَاعَةِ المُسْتَبْسِلِ المُتَفَانِي
وَيَرُدُّ كَيْدَ خُصُومِهِمْ فِي نَحْرِهِمْ … بِلِسَانِ صِدْقٍ دَامِغِ البُرْهَانِ
وَيُنَزِّهُ الأَخْلاقَ مِنْ شُبَهٍ بِهَا … وَيُطَهِّرُ الآدَابَ مِنْ أَدْرَانِ
أَوَدِيعُ نَقْضِيكَ الوَدَاعَ وَكُلُّنَا … ذَاكِي الحَشَى مُسْتَعْبِرُ الأَجْفَانِ
سَتُعِيدُ طَيْرُ الأَرْزِ مَا عَلَّمْتَهَا … مِنْ شَدْوِكَ المُشْجِي عَلَى الأَزْمَانِ
وَسَتَذْكُرُ الضَّادُ اعْتِزَازَ بَيَانِهَا … بِكَ مَا جَرَتْ ذِكْرَى أَمِيرِ بَيَانِ