عَاجَتْ أَصِيلاً بِالرِّيَاضِ تَطُوفُهَا – خليل مطران
عَاجَتْ أَصِيلاً بِالرِّيَاضِ تَطُوفُهَا … كَمَلِيكَةٍ طَافَتْ مَعاهِدَ حُكْمِهَا
حَسْنَاءُ أَمَّرَهَا الجَمَالُ فَأَنْشَأَتْ … فِي أَيْكِهَا الأَطْيَارُ تَخْطبُ بِاسْمِهَا
وَالحُسْنُ أَكْمَلُ مَا يَكُونُ شَبِيبَةٌ … فِي بَدْئِهَا وَمَلاحَةٌ فِي تِمِّهَا
سَتَرَتْ بِأَخْضَرَ سُنْدُسِي جِيدَهَا … فَحَكَي المُحَيَّا وَردةً فِي كِمِّهَا
وَتَمَايَلَتْ فِي ثَوْبِ خَزٍّ مُورِقٍ … غُصْناً وَهَلِ لِلْغُصْنِ نَضْرَة جِسْمِهَا
فَإِذَا جَاوَرتْ فِي سَيْرِهَا مِنْ زَهْرَةٍ … هَمَّتْ بِأَخْذِ ذُيُولِهَا وَبِلَثْمِهَا
أَوْ جَاوَرَتْ فَرْعاً رَطِيباً لَيِّناً … أَلوَى بِمِعْطَفِهِ وَمَالَ لِضَمِّهَا
وَتَحُفُّ أَبْصَارٌ بِهَا فَيَخِزْنَها … بِحَيَائِهَا وَيَشُكْنِهَا فِي وَهمِهَا
كَالنَّحْلِ طُفْنَ بِزَهْرَةٍ فَلَسَعْنَهَا … وَرَشَفْنَ مِنْهَا مَا رَشَفْنَ بِرغْمِها
حَتَّى إِذَا حَلَّى العَيَاءُ جَبِينُهَا … بِنَدًى وَأَخْمَدَ جَمْرَةً مِنْ عَزْمِهَا
جَلَسَتْ تُقَابِلُ أُمَّهَا وَكَأَنَّمَا … كِلْتَاهُمَا جَلَسَتْ قُبَالَةَ رسْمِهَا
لَكِنَّ عَاصِفَةً أَغَارَتْ فَجْأَةً … بِالهُوجِ مِنْ لَدَدِ الرِّيَاحِ وَقُتْمهَا
فَاهْتَزَّتِ الغَبْرَاءُ حَتَّى صَافَحَتْ … عَذَبَاتِ سَرْحَتِهَا مَنَابِتُ نَجْمِهَا
وَتَنَاثَرَتْ ضُفُرُ الفَتَاةِ غَمَائِماً … سَتَرَتْ عَنِ الأَبْصَارِ طَلْعَةَ نَجْمِهَا
فَتَحَيَّرَتْ فِيمَا تُحَاوِلُ وَهْيَ قَدْ … أَعْيَتْ بِلا مِرْآتِهَا عَنْ نَظْمِهَا
فَدَنَتْ تُحَاذِي أُمِّهَا وَتَنَاظَرَتْ … بِعُيُونِهَا وَجَلَتْ سَحَابَةَ هَمِّهَا
وَكَذَا الفَتَاةُ إِذَا ابْتَغَتْ مِرْآتَهَا … فَتَعَذَّرَتْ نَظَرَتْ بِعَيْنَيْ أُمِّهَا