شهداء الحرية – بدر شاكر السياب

شهيد العلا لن يسمع اللوم نادبه … و ليس يرى باكيه من قد يعاتبه

طواه الردى فالكون للمجد مأتم … مشارقه مسودة و مغاربه

فتى قاد أبناء الجهاد إلى العلا … و قد حطمت بأس العدو كتائبه

فتى همه أن يبلغ العز موطن … غدا كل باغ دون خوف يواثبه

فتى يعرف الأعداء فتكة سيفه … قد فتحت فتحا مبينا مضاربه

فتى ما جنى ذنبا سوى أنه انتضى … حساما بوجه الظلم ما لان جانبه

إذا ذكروا في جحفل الحرب يونسا … مشى الموت للأعداء حمرا سبائبه

لقد باع للعرب النفوس ثلاثة … فقروا و دمعي لا تقر غواربه

فآة على من ودع الصحب و اغتدى … على يونس فليطلق الدمع حاجبه

و آه على نسر أهيض جناحه … و كم ملأت أفق العراق عصائبه

لئن غيبوا جثمان محمود في الثرى … فما غيبوا المجد الذي هو كاسبه

و لهفي عى فهمي و ما كان خطبه … يهون و إن هانت لديه مشاربه

شهيد رأى الطغيان يغزو بلاده … فهب وقاد العزم جندا يحاربه

أيشنق من يحمي الديار بسيفه … و تغدو على كسب المعالي ركائبه

رجال أباه عاهدوا الله أنهم … مضحون حتى يرجع الحق غاصبه

أراق عبيد الإنكليز دماءهم … فيا ويلهم ممن تخاف جوالبه

أراق عبيد الإنكليز دماءهم … و لكن دون الثأر من هو طالبه

أراق ربيب الأنجليز دماءهم … و لكن في برلين ليثا يراقبه

رشيد و يا نعم الزعيم لأمة … يعيث بها عبد الإله و صاحبه

لأنت الزعيم الحق نبهت نوما … تقاذفم دهر توالت نوائبه