سلمتِ وما الديارُ بسالماتٍ – مهيار الديلمي
سلمتِ وما الديارُ بسالماتٍ … على عنتَ البلى يا دارَ هند
و لا برحتْ مفوفة ُ الغوادي … تصيب رباكِ من خطإٍ وعمدِ
بموقظة ِ الثرى والتربُ هادٍ … و مجدية ِ الحيا والعامُ مكدي
على أني متى مطرتكِ عيني … ففضلٌ ما سقاكِ الغيثُ بعدي
أميلُ إليكِ يجذبني فؤادي … و غيركِ ما استقام السيرُ قصدي
و أشفق أن تبدلكِ المطايا … بوطأتها كأنَّ ثراك خدي
أرى بكِ ما أراه فمستعيرٌ … حشاي وواجدٌ بالبين وجدي
و ليتكِ إذ نحلتِ نحولَ جسمي … بقيتِ على النحول بقاءَ عهدي
و ما أهلوكِ يومَ خلوتِ منهم … بأولِ غدرة ٍ للدهر عندي
سلي الأيام ما فعلت بأنسي … و عيشٍ لي على البيضاء رغدِ
و في الأحداج عن رشإٍ حبيبٍ … على لونيه من صلة ٍ وصدَّ
يماطلُ ثم ينجزُ كلَّ دينٍ … و لم ينجز بذي العلمين وعدي
تبسمّ بالبراق وصاب غيث … فلو ملكَ الفداءُ لكنتُ أفدي
ثناياه وفاه ولا أغالي … بما في المزن من برقٍ وبردِ
ألاَ من عائدٌ بياضِ يومٍ … لعيني بين أحناء و صمدِ
و عينٍ بالطويلع بارزاتٍ … على قسماتهنّ حياءُ نجِد
نظرنَ فما غزالتهُ بلحظٍ … و مسنَ فما أراكتهُ بقدَّ
و بلهاء الصبا تبغي سقاطي … إذا حللتها هزلتْ بجدي
تعدُّ سنيَّ تعجبُ من وقاري … و لم يجتزْ مراحَ العمر عدي
فما للشيب شدَّ على ركضا … فطوح بي ولم أبلغ أشدي
يعيرني ولم أره شآني … تنبه حظه بخمولِ جدي
و ودَّ على غضارة حلتيهِ … مكانَ الرقع من أسمال بردى
و ما ورقُ الغنى المنفوضُ عني … بمعرٍ من حسام المجدِ غمدي
حملتُ وليس عن جلدٍ بقلبي … حمولة َ واسع الجنبين جلدِ
تبادهني النوائب مستغرا … فأدفعها بعزمة ِ مستعدّ
يزلُّ الحوفُ عن سكنات قلبي … زليلَ الماءِ عن صفحاتِ جلدي
دع الدنيا ترفَّ على بنيها … و تجلبْ بالجفاء عليّ وحدي
وفرْ أموالهم تنمو وتزكو … فليس كنوزها ثمنا لحمدي
لعل حوائل الآمال فيهم … تطرقُ من أبي سعدٍ بسعدِ
فتى عقدتْ تمائمهُ فطيما … على أكرومة ٍ ووفاءِ عقدِ
و ربته على خلق المعالي … غرائزُ من أبٍ عالٍ وجدَّ
فما مجت له أذنٌ سؤالا … و لا سمحتْ له شفة ُ بردَّ
إذا اخضرت بنانُ أبٍ كريم … فصبغتها إلى الأبناء تعدي
تطاولَ للكمال فلم يفتهُ … على قربِ الولاد مكانُ بعدِ
و تمَّ فعلق الأبصارَ بدرا … و لم يعلقْ له شعرٌ بخدَّ
رآه أبوه وابن الليث شبل … لسدة ِ ثغرة ٍ وهو ابن مهدِ
فقال لحاسديه شقيتمُ بي … و هذا ابني به تشقونَ بعدي
جرى ولداتهِ فمضى وكدوا … لو أنَّ الريحَ مدركة ٌ بكدَّ
إذا سبروه عن عوصاءَ أدلى َ … بها فنجا على غررِ التحدي
دعوا درجَ الفضائل مزلقاتٍ … لماضٍ بالفضائلِ مستبدَّ
و ما حسدُ النجومِ على المعالي … و لو ذابَ الحصا حسدا بمجدي
أبا سعدٍ ولو عثروا بعيبٍ … مشوا فيه بحقًّ أو تعدى
و قد تسري العيوبُ على التصافي … فكيفَ بها على حنقٍ وحقدِ
و لكن فتهم فنجوتَ منهم … نجاءَ اللحن بالخصمِ الألدَّ
و ملككَ الفخارُ فلم تنازع … بقلًّ في الندى ولا بحشدِ
أبٌ لك يحلمُ العلياءَ طولا … و خالٌ في عراص المجد يسدي
و لم يعدلْ أبا لك يعربياً … زميلٌ مثلُ خالك في معدَّ
جزيتك عن وفائك لي ثناءً … يودّ أخي مكانك فيه عندي
و لولا الودُّ عزّ عليك مدحي … و لولا الفضلُ عزّ عليك ودي
بني عبد الرحيم بكم تعالت … يدي وورى على الظلماء زندي
و إن أودى بنيسابور قومي … فجدكمُ من الأملاك جدي
و أصدقُ ما محضتُ القومَ مدحي … إذا ما كان مجدُ القوم مجدي
تفاعيني لترديني الليالي … فأذكركم فتنهسني بدردِ
و أزحمُ فيكمُ نكباتِ دهري … بعصبة ِ غالبٍ وبني الأشدَّ
لذلك ما حبوتكمُ صفايا … ذخائرُ خيرُ ما أحبو وأهدي
طوالعُ من حجابِ القلب عفوي … بهنَّ يبذُّ غاية َ كلَّ جهد
تجوبُ الأرض تقطعُ كلَّ يوم … مدى عامين للساري المجدَّ
يرينَ وبعدُ لم يروين حسنا … كأنّ سطورهن وشوعُ بردِ
إذا روت رجالكمُ كهولا … سأرن لصبية ٍ منكم ومردِ
و لولاكم لما ظفرت بكفءٍ … يسرُّ ولا سعت قدما لرشدِ
و لكن زفها الأحرارُ منكم … فما اشقيت حرتها بعبدِ
فضلتم سؤددا وفضلتُ قولا … فكلٌّ في مداه بغير ندَّ
بكم ختم الندى وبيَ القوافي … بقيتم وحدكم وبقيتُ وحدي