ستبلغ عني غدوة الريح أنها – الفرزدق
سَتَبْلُغُ عَنّي غُدْوَةَ الرّيحِ أنّهَا … مَسِيرَةُ شَهْرٍ للرّياحِ الهَواجِمِ
تَمِمياً، إذا مرّتْ عَليَها منَ الذي … جَرَى جَرْيَ مَرْقُومٍ قَصِيرِ القَوائِمِ
ولَمّا جَرَى بي غالِبٌ، وَجَرَى بِهِ … عَطِيّةُ لمْ يَسْطَعْ وُثُوبَ الجَرَاثِمِ
تَلَقّاهُ مُشْتَدُّ الحُسَاسِ، وَردَّهُ، … وَقَامَتْ بِهِ القَعْسَاءُ دُونَ المكارِمِ
وَلمّا جَرَيْنَا لمْ نَجِدْ جالِياً لَهُ، … ولا جالِساً عَندَ المَدَى مثلَ دارِمِ
ولوْ سُئِلتْ من كُفؤُ الشمس أوْمأتْ … إلى ابْنَيْ مَنَافٍ عَبدِ شَمسٍ وَهاشِمِ
نَماني بَنو سعَدِ بنِ ضَبّةَ فانْتَسِبْ … إلى مِثْلهِمْ أخْوَالِ هاجٍ مُزَاحِمِ
إذا زَخَرَتْ حَوْلي الرّبابُ وَجَاءَني … لِمُرٍّ أوَاذِيُّ البُحُورِ الخَضَارِمِ
وَإنْ شِئتُ من حَيَّيْ خُزَيمَةَ جاءَني … وَخِنْدِفَ قَمْقَامُ البُحُورِ اللّهامِمِ
وعلمّا دَعَوْتُ ابنَ المَرَاغَةِ للّتي … رَهَنْتُ لِها ابْني أيُّنَا للعَظائِمِ
أحَقُّ أباً وابْناً وَقَوْماً، إذا جَرَى … إلى المَجْدِ بالمُسْتأثَرَاتِ الجَسائِمِ
وَكَيْفَ تُجارِي دارِماً حِينَ تَلتَقي … ذُرَاها إلى شَعْفِ النّجُومِ التّوَائِمِ
جَرَى ابْنا عِقالٍ بي وَعَمرٌو وَحاجبٌ … وَسَلْمَى وَجَدٌّ نِعْمَ جَدُّ المُزَاحِمِ
رَأى المُحْتَبِينَ الغُرَّ مِنْ آلِ دارِمٍ، … عَلَوْهُ بِآذِيّ البُحْورِ الخَضَارِمِ
هُمُ أيَّهُوا بي، إذْ عَطِيّةُ قَائِمٌ، … ليَنْهُقَ خَلْفَ الجامِحاتِ الصَّلادمِ
خَناذِيذُ يَنمِيها لأعْوَجَ مُشْرِفٌ … على الخَيلِ حَطّامٌ فؤوس الشكائمِ
إذا مَا وَجُوهُ القَوْمِ سالَتْ جِباهُها … مِنَ العَرَقِ المَغنوظِ تحتَ الحَلاقِمِ
نَفَحْتُ لقَيْسٍ نَفْعةً لمْ تَدَعْ لهَا … أُنُوفاً، وَمَرّتْ طَيرُهَا بالأشائِمِ
ولَوْ أنّ كَعْباً أوْ كِلاباً سَألْتُمُ … على عَهْدِهِمْ قالا لكُمْ قَوْلَ عالمِ
لَقالا لَكُمْ كانَتْ هَوَازنُ حِقْبَةً … على عَهْدِ أكّالِ المُرَارِ القُماقِمِ
قَدِيماً يَرُبّونَ النِّحَاءَ لِيَفْتَدُوا … بِهِنّ بَنِيهِمْ مِنْ غُوَيٍّ وَسَالِمِ
إذا النِّحْيُ لمْ تَعْجَلْ بهِ عامِرِيّةٌ … فَداهَا ابْنُهَا أوْ بِنتُها في المَقَاسِمِ
وَقَدْ عَلِمَتْ قَيسُ بنُ عَيلانَ أنّها … إذا سَكَتَ الأصْواتُ غَيرَ الغَماغِمِ
مَوَالٍ أذِلاّءُ النّفُوسِ، ظُهُورُهمْ … لَهُمْ جُنَنٌ عِندَ السّيوفِ الصّوَارِمِ
تُوَتِّرُ لي قَيْسٌ قِياسَ حِظَائِهَا، … وَما أنَا عمَّا سَاءَ قَيْساً بِنَائِمِ