الناسُ أولاد حوّاء سواي أنا – محيي الدين بن عربي
الناسُ أولاد حوّاء سواي أنا … فإنني ولد للوالدِ الذكرِ
إن الأنوثة من نعتِ الرجال لذا … تراهمُ يحملون العلم في الصورِ
فيصبحونَ حبالى حاملين بهِ … حملَ السحابِ لما فيها من المطرِ
يحي بهِ كلُّ ميتٍ لا حراكَ بهِ … فيشكر الحيّ شكرَ الزَّهر للزهر
فالزهرُ أسماؤهُ الحسنى بجملتها … والزهرُ ما أعطتِ الأسماءُ منْ أثرِ
يا رحمة َ اللهِ قدْ حزتِ الوجودَ فما … في الكونِ مقلة ُ عينٍ تخلو منْ نظرِ
بهِ يرونَ وجودَ الكونِ فيهِ كما … يرون فيه وجودَ الحقِّ في البشر
ما بين ضمٍّ وفتحٍ قد بدتْ عبر … لكلِّ قلبٍ سليمٍ فيهِ معتبرِ
تربى على قوة ِ الأرواحِ قوتُهُ … فليسَ يحرقهُ الإدراكُ بالبصرِ
لأنه سبحات الوجه فاعتبروا … في النورِ والظلمة ِ العمياءِ والغيرِ
هما الحجابُ لها ولم يقم بهما … إحراقها لا ولا ما فيه من ضرر
والحجب ليس سوانا وهو خالقنا … ونحنُ مجلى ً لهُ بالسمعِ والبصرِ
كذا رأيناهُ ذوقاً في مشاربِنا … كما رويناه فيما صح من خبر
هوَ القويُّ حينَ ما تعطي جوارِحنا … من النتائج فانظر فيه وادّكر
لولاهُ ما نظرتْ عينٌ ولا سمعتْ … أذن لما قد تلاه الحقُّ في السور
الله يخلقنا والله يخلفنا … على الدوام كما قد جاء في الزبر
وما له خبرٌ فينا يخبرنا … سوى الذي نحن فيه اليوم من سير
وما تكونَ عنهُ منْ تقابلنا … في جنة ِ الخلد والمأوى على سرر
ومنْ يكونُ على ضدِّ النعيمِ بما … يلقاهُ منْ ألمِ الضراء في سقرِ
ليسَ التعجبُ منْ هذا وما عجبي … إلا بأني مع الأنفاس في سفر
دنيا وآخرة ٌ فانظرْ ترى عجباً … في حالِنا واعتبرهُ صنعَ مقتدرِ
والجوهر الأصل باقٍ لا زوال له … هوَ المحلّ لما بيديهِ منْ صورِ
الله جلى لنا ما قد جلاه لنا … على صفاءٍ بلا شَوْبٍ ولا كَدَرِ
لذا أرى زمراً تأتي على زُمَرٍ … كما أتتْ في كتاب الله في الزمر
إنَّ المياه على مقدار أعينها … فمنه منهمرٌ وغير منهمِر
إنَّ السحابَ بخارُ الأرضِ أنشأهُ … ماء يحلله للنجمِ والشجرِ
شيئاً فشيئاً ويبقى بعضها لندى ً … أو تستحيل هواء في ذرى الأكر
لذا رأيت خروج الودْق من خللِ … فيهِ ليبرزَ ما في الروضِ من ثمرِ