إله تعالى أن يرى ببصيرة – محيي الدين بن عربي
إله تعالى أن يرى ببصيرة … ولا بصرٌ والنصُّ جاءَ بإبصارِ
وليسَ يُرى شيءٌ سواهُ وإنَّه … على كلِّ حالٍ عينُ ذاتي ومقداري
لذاكَ يسمى ظاهراً باطناً لنا … لأثبت أو أنفي فالأسماءُ أبصاري
فلا تجزَعَن فالأمرُ والشانُ واحد … ولا تلتفت إلى يساري وإعساري
فإني عينُ الأمرِ إنْ كنتَ موسراً … ولستُ لهُ عيناً بعسري وإقتاري
ألا إن عيني شاهد وشهادتي … كذلكَ فيما صحَّ فيهِ من أخباري
لقد أثبتُ الأرحامَ بيني وبينه … وإنَّ أولي الأرحامِ أوْلى بأقداري
أنا سجنُه منه إذا كنت رحمة … وإنْ لم تكن رحمتي فقد بعدت داري
ألا إنني جارَ لمنْ هو صورتي … وقد جاء حقُّ الجارِ فرضٌ على الجار
فقدْ أثبتَ المثلُ الذي قدْ نفاهُ لي … بليسَ وقدْ حارتْ لذلكَ أفكاري
إذا قلت: مثل قال: لا فأقول لا … وإنْ قلتُ لا : أبقى رهيناً بأوزاري
فما هوَ لي بعضٌ ولا أنا كلهُ … وما ثم كلّ غير ما برأَ الباري
ولما بدا خلقي بعيني رأيتني … بأسمائه الحسنى وسبعة أسوار
وما أنا إلا جودُه ووجودُه … وإنَّ الذي يبدو لعينكَ آثاري
تعالى بأنْ يحظى بغير وجودِه … وأين مع التحقيقِ عينٌ لأغياري
إذا قمتُ أثني والثناءُ كلامُهُ … فما أنا فيما قدْ حمدتُ بمكثارِ
إذا أبصرتْ عيني جمالَ وجودِه … أكونُ بهِ في الحالِ صاحبَ أنوارِ
وإنْ لم أكن أبصر سواي فإنني … لعالمِ وقتي بي وصاحبِ أسرارِ
ولكنْ متى أنْ دامَ بي ما ذكرتُهُ … وذلكَ في التحقيقِ يثبتُ أضراري