إذا النور من فارٍ أو من طُور سيناء – محيي الدين بن عربي
إذا النور من فارٍ أو من طُور سيناء … أتى عاد ناراً للكليم كما شاء
فكلمه منه وكان لحاجة … رآهُ بهِ فاسترسلَ الحالَ أشياءَ
وإنشاءَ ربُّ الوقتِ منْ حالِ منْ سعى … على أهلِه من خالصِ الصدق انشاء
وأما أنا من أجلِ أحمدَ لمْ أرى … سوى بلة ٍ منْ قدرِ راحتنا ماءَ
فلم يك ذاك القول إلا ببقعة … من الوادِ سمَّاها لنا طورَ سيناءَ
واسمعني منها كلاماً مقدَّسا … صريحاً فصحَّ القولُ لمْ يكُ إيماءَ
ولم يحكم التكليفَ فينا بحالة … وجاء به الله المهيمنُ أنباء
فألقيتُ كلَّ اسمٍ لكوني وكونهِ … إذا انصف الرائي يفصل اسماء
وكان إلى جنبي جلوساً ذووا حجى ً … فلم يفشه من أجلهم لي إفشاء
وما ثم أقوالٌ تُعاد بعينها … إلاَّ كلَّ مافي الكونِ للهِ لهُ بداءَ
إذا ماتتِ الألباب من طول فكرها … أتى الكشفُ يحييها من الحقِّ إحياءَ
وقدْ كانَ أخفاها من أجلِ عشرتي … لنكرٍ بهمْ قدْ قامَ إذْ قالَ إخفاءَ
خفاها فلمْ تظهرْ دعاها فلمْ تجبْ … وكان الدعا ليلا فأحدثَ إسراء
ليظهر آياتٍ ويبدي عجائبا … لناظره حتى إذا ما انتهى فاء
إلى أهله من كلِّ حسٍّ وقوّة … فقرَّب أحباباً وأهلكَ أعداءَ
وأرسل أملاكا بكل حقيقته … إليهِ على حبٍّ وألفَ أجزاءَ
وأبدى رسوما داثراتٍ من البلى … فأبرزَ أمواتاً وأقبرَ أحياءَ
وأظهر بالكاف التي عميت بها … عقول عن إدراك التكافؤ أكفاء
وما كانتِ الأمثالُ إلاَّ بنورهِ … فكانت لهُ ظلاًّ وفي العلمِ أفياءَ
وارسل سحباً مُعصراتٍ فامطرتْ … لترتيبِ أنواء وحرَّم أنواء
فرَوْضكَ مطلولٌ بكلِّ خميلة ٍ … إذا طلهُ أوحى منَ الليلِ أنداءَ
فعطرَ أعرافاً لهاه فتعطرتْ … أزاحَ بها عنْ روضهِ اليانعِ الداءَ
وصيرَها للداءِ عنها مزيلة ٌ … فكانت شفاءً للمسامِ وأدواءَ
وأطلع فيها الزهر من كلِّ جانبٍ … نجوما تعالت في الغصون وأضواء
وقدْ كانتِ الأرجاءُ منْها على رحى … فأوصلها خيراً وأكبرَ نعماءَ
فهذي علومُ القوم إنْ كنتَ طالباً … ودعْ عنكَ أغراضاً تصدُّ وأهواءَ
فدونك والزم شرعَ أحمد وحدَه … فإنَّ لهُ في شرعة ِ الكلِّ سيساءَ