أيا ليلَ جوًّ منْ بشيرك بالصبحِ – مهيار الديلمي
أيا ليلَ جوًّ منْ بشيرك بالصبحِ … و هل من مقيلٍ بعدُ في ظلل الطلحِ
و ماؤكم استشفيتُ زمزمَ بعده … فما بردتْ لوحي ولا رفدتْ جرحي
سرقتُ على سؤرِ البخيلة نهلة ً … بها لم أكن أدري أتسكر أم تصحي
قضت ساعة ً بالجوّ أن ليس عائدا … بها الدهرُ في يومٍ بخيلٍ ولا سمحِ
فما لكَ منها غيرُ لفتة ِ ذاكرٍ … إذا قلتُ بلتْ أوقدتْ لوعة َ البرحِ
أيا صاحِ والماشي بخير موفقٌ … ترنمْ بليليَ إن مررتَ على السفحِ
و قامرْ بعيني في الخليط مخاطرا … عست نظرة ٌ منها يفوز بها قدحي
و سلْ ظبية َ الوادي أأنتِ أم التي … حكتكِ على قلبي بلحظتها تنحى
رمتْ فجنت واستصفحتْ هي عامدٌ … ألا أين جرم العامدين من الصفحِ
و ليلٍ لبسناه بقربكِ ناعمٍ … بطائنَ ما بين القلائد والوشحِ
و يضحى ويمسي ضوءُ وجهكِ بيننا … سراجا البدر يمسي ولا يضحى
و لما استوى قسمُ الملاحة ِ فيكما … تكلمتِ حتى بان فضلك بالملحِ
تذمُّ اطراحي ودَّ قومٍ ومدحهم … و ما مسها حمل الهوانَ ولا طرحي
تعاوت على سرح القريض تقصهُ … ذئابٌ لها من عجزها نقدُ السرحِ
تجانفُ عن حلوِ الكلام وصفوه … إذا ولعت جهلا وتكرعُ في الملحِ
إذا كان للتقبيل والشمَّ أصبحت … تماضغه ما بين أنيابها القلحِ
ترى كلَّ علج يحسبُ المجدَ جفنة ً … تراوحُ أو قعبا يخمرُ للصبحِ
إذا رشحت من بهرهِ وانتفاخه … أياطلهُ ظنَّ الفصاحة َ في الرشحِ
إذا معجزاتُ الشعر عارضن فهمه … حلبنَ بكيئا لا تدرُّ على المسحِ
لكلَّ غريبٍ نادرٍ في فؤاده … و أحقادهِ فعلُ النكاية في القرحِ
إذا الغيظُ أو جهلُ الفضيلة عاقه … عن المدح في شيء تجملَ بالقدحِ
و كم دون حرّ القولِ من جنح ليلة ٍ … إذا أظلمتْ لم يورِ فيها سوى قدحي
و قافية ٍ باتت تحارب ربها … فنازلتها شيئا فألقت يدَ الصلحِ
وصلتُ إليها والأنابيبُ حولها … تكسرُ لما كنتُ عالية َ الرمحِ
إذا شئتَ أن تبلو أمرأَ أين فضلهُ … من النقصِ فاسمع منه إطرايَ أو جرحي
و كم ملكٍ لو قد سمحتُ أريته … بوجهِ قريضي طلعة َ النصر والفتحِ
إذا ما ترامت عالياتُ المنى به … بعيدا تمنى موضعَ النجم أو مدحي
و خلًّ أتى من جانب اللين عاطفا … فياسره عودي ولانَ له كشحي
وفرتُ له قسما كفاه وزاده … فمالَ به الإسفافُ في طلب الربحِ
و ساومَ غيري المدحَ يرخص عرضهُ … فلم يغني بخلي عليه ولا شحي
فأصبحتُ كالبيضاء ضرت فغاظها … بسوداءَ والعجزاءِ غارت من الرسحِ
و لكنّ ماسرجيسَ من لا ترده … عن الجدَّ حناتُ الطباعِ إلى المزحِ
و لا تقتضي ممطولة ُ الحقَّ عنده … و لا يكسبُ الإنصاف بالكدَّ والكدحِ
إذا نال بيضاتِ الأنوقِ ميسرا … له وكرها لم تسبهِ بيضة ُ الأدحى
كريمُ الوفاء أملسُ العرض طاهرٌ … إذا دنسُ الأعراضِ عولج بالرضحِ
تضيقُ صدورٌ بالخطوب وصدرهُ … إلى فرجاتٍ من خلائقه فسحِ
يشير بصغرى قولتيهِ فيكتفي … بهاو ذبابُ السيفِ يقطعُ بالنفحِ
غزير إذا استملى البلاغة َ فكرهُ … سقى بقليبٍ لا يغورُ بالنزحِ
تدبرَ من بيت الوزارة باحة ً … له السبق فيها والجذاعَ من القرحِ
إذا زلقتْ يوما بأقدامِ معشرٍ … فمالت مشي فيها قويما على الصرحِ
أخذتم بأحقادٍ قديمٍ وقودها … عليكم ونارُ الضغن تحرق باللفحِ
و غاظت علاكم حاسديكم فنفرتْ … فتوقَ كبود لا تعالجَ بالنصحِ
وجوهٌ اليكم ضاحكاتٌ وتحتها … دخائلُ نياتٍ معبسة ٍ كلحِ
وددتكَ لم أذخر هواكَ نصيحة ً … أروح بها ملء الفؤادِ كما أضحى
حببتكَ من سلمى وأغدو بشفرة ٍ … على عنقِ من أبغضتُ من منطقي أنحى
و كم من فتاة ٍ قد منحتك رقها … على العزَّ لم أمننْ عليك بها منحى
لها بين يوم المهرجان مواقفٌ … لديك وبين الصوم عندك والفصحِ
أدلت بحسنٍ فهي تبرزُ سافرا … إذا اختمرتْ أخرى حياءً من القبحِ
إذا المنشدُ الراوي بها قام خلتهُ … يناوبُ ترجيعَ الحمامة بالسجحِ
و إن أبطأتْ عاما عليك سماؤها … فعندك سلفٌ من مرازمها الدلحِ
و لا ذنبَ لي إن أعقمتني عوائقٌ … من الدهر يوما أن يقصر بي لقحي