أما حدثوكَ بأخبارها – مصطفى صادق الرافعي
أما حدثوكَ بأخبارها … وقد نزلَ البينُ في دارِها
ليالي امرؤِ القبسِ بينَ الخيامِ … يباهي السماء بأقمارِها
فما لكَ تذكرُ تلكَ الديارْ … ومالكَ تبكي لتذكارِها
وبينَ الضلوعِ قلوبٌ عفت … وضنَّ الغرامُ بآثارِها
قلوبٌ فزعنا بها للدموعِ … فما أطفأ الدمع من نارِها
تهزُّ لها الغانياتُ القدودَ … إذا ما تناجت بأسرارها
ألا فرعى الله تلكَ القصور … وحلى السماءَ بأنوارها
يبيتُ يحنُّ لها جارها … وإن لم تحنَّ إلى جارها
قصورٌ تدلُّ بأيامها … دلال الرياضِ بآذارها
إذا طلع الصبحُ حيتْ ذكاءُ … شموساً توارتْ بأستارها
تكادُ لرقةِ سكانها … تردُّ السلام لزوَّارِها
همُ علموها اجتذابَ القلوبِ … وشقَّ مرائرِ نظَّارها
وقد سامحتها خطوبُ الزمانِ … وضنتْ عليها بأكدارها
ودارتْ بمعصمها كالسوار … رياضُ تسامتْ بأسوارها
تحاكي المجرةُ أنهارها … وتحكي النجومُ بأزهارها
كساها الشتاءُ ثيابَ الربيعِ … وزرت عليها بأزرارها
إذا اعتلَ فيها نسيمُ الصباح … ناحتْ بألسنِ أطيارها
وإن طلبَ الظلُّ فيها الهجيرَ … تأبتْ عليهِ بأشجارها
وإن حلَّ الندامى فيها رأوا … لياليها مثل أسحارها
ودبَّ النسيمُ لعيدانهم … فباتت تنوحُ بأوتارها
وأنستهمُ معبداً والغريضَ … وشدو القيانِ بأشعارها
وأهل البضيعِ وذكرى حبيبٍ … وشد المطيِّ بأكوارها
سقتها السماءُ بما تشتهي … وجادتْ عليها بأمطارها