يَحكون أَن أُمَّة َ الأَرانِبِ – أحمد شوقي
يَحكون أَن أُمَّة َ الأَرانِبِ … قد أخذت من الثرى بجانبِ
وابتَهجَتْ بالوطنِ الكريمِ … ومثلِ العيالِ والحريمِ
فاختاره الفيلُ له طريقا … ممزِّقاً أصحابنا تمزيقا
وكان فيهم أرنبٌ لبيبُ … أذهبَ جلَّ صوفهِ التَّجريب
نادى بهم: يا مَعشرَ الأَرانبِ … من عالِمٍ، وشاعرٍ، وكاتب
اتَّحِدوا ضِدَّ العَدُوِّ الجافي … فالاتحادُ قوّة ُ الضِّعاف
فأقبلوا مستصوبين رايهْ … وعقدوا للاجتماعِ رايه
وانتخبوا من بينِهم ثلاثه … لا هَرَماً راعَوْا، ولا حَداثه
بل نظروا إلى كمالِ العقلِ … واعتَبروا في ذاك سِنَّ الفضْل
فنهض الأولُ للخطِاب … فقال : إنّ الرأيَ ذا الصواب
أن تُتركَ الأرضُ لذي الخرطومِ … كي نستريحَ من أَذى الغَشوم
فصاحت الأرانبُ الغوالي : … هذا أضرُّ من أبي الأهوال
ووثبَ الثاني فقال: إني … أَعهَدُ في الثعلبِ شيخَ الفنِّ
فلندْعُه يُمِدّنا بحِكمتِهْ … ويأخذ اثنيْنِ جزاءَ خدمتِه
فقيلَ : لا يا صاحبَ السموِّ … لا يدفعُ العدوُّ بالعدوِّ
وانتَدَبَ الثالثُ للكلامِ … فقال : يا معاشرَ الأقوامِ
اجتمِعوا؛ فالاجتِماع قوّه … ثم احفِروا على الطريق هُوَّه
يهوى إليها الفيلُ في مروره … فنستَريحُ الدهرَ من شرورِه
ثم يقولُ الجيلُ بعدَ الجيلِ … قد أَكلَ الأَرنبُ عقلَ الفيل
فاستصوبوا مقالهُ ، واستحسنوا … وعملوا من فورهم ، فأحسنوا
وهلكَ الفيلُ الرفيعُ الشَّانِ … فأَمستِ الأُمَّة ُ في أَمان
وأقبلتْ لصاحبِ التدبير … ساعية ً بالتاجِ والسرير
فقال : مهلا يا بني الأوطانِ … إنّ محلِّي للمحلُّ الثاني
فصاحبُ الصَّوتِ القويِّ الغالبِ … منْ قد دعا : يا معشرَ الأرانب