يَا مُسْهِدَ القَوْمِ أَطَلْتَ السِّنَهْ – خليل مطران

يَا مُسْهِدَ القَوْمِ أَطَلْتَ السِّنَهْ … مَا الدَّهْرُ إِلاَّ بَعْضُ هَذِي السَّنَهْ

يَوْمُكَ فِي لُبْنَانَ يَوْمٌ لَهُ … أَنْبَاؤُهُ فِي آخِرِ الأَزْمِنَهْ

هَوَّنَ مِنْ دَمعِي عَزِيزاً أَجَلْ … وَعِزَّةِ الخَطْبِ الَّذِي هَوَّنَهْ

بَكَيْتُ تِلْكَ المَحْمَدَاتِ الَّتِي … بَعْدَكَ أَمْسَتْ بِالنوى مُؤْذِنَهْ

وَهَى بِهَا الرُّكُنُ الرَّكِينُ الَّذِي … مَا لَبِثَ الوَاجِبُ أَنْ أَوْهَنَهْ

بَكَيْتُ ذَاكَ الخُلٌقَ الحْرَّ مَا … أَحْصَنَهْ وَالخَلْقُ مَا أَحْسَنَهْ

بَكَيْتُ ذَاكَ الوُدِّ أَتْحَفْتَنِي … بِآيَةٍ مِنْ أُنْسِهِ بَيِّنَهْ

بَكَيْتُ عِلْماً شَامِلاً نَفْعُهُ … دَوَّنَ مِنْهُ المَجْدُ مَا دَوَّنَهْ

بَكَيْتُ إِلهَاماً أَتَاهُ عَلَى … أَقْرَانِكَ الوَحْيُ الَّذِي لَقَّنَهْ

بِالفِكْرِ تَسْتَنْزِلُهُ مِنْ عَلٍ … وَالصَّوْغُ تُغْلِي فِي الحِلَى مَعْدَنَهْ

مَعنَاهُ مَا أَبْلَغَ وَاللَّفَّظُ مَا … أَفْصَحَ وَالأُسْلُوبُ مَا أَرْصَنَهْ

بَكَيْتُ ذَاكَ الأَدَبَ العَذْبَ فِي … جَاعِلِهِ مِنْ كَرَمٍ دَيْدنَهْ

وَالجَانِبَ اللَّيِّنَ حَتَّى إِذَا … دَعَا حِفَاظٌ عَادَ مَا أَخْشَنَهْ

وَالجُودَ تَفْنِي فِيهِ مِنْ رِقَّةٍ … مَا صَوَّرَ اللُّطْفَ وَمَا فَنَّنَهْ

بِلَحْظَةٍ أَوْ لَفْظَةٍ تَغْتَدِي … مُحْسِنَةً قَبْلَ اليَدِ المُحسِنَهْ

أَمْرٌ عَظِيمٌ أَنْ يَجُودَ امْرُوءٌ … وَسِرُّهُ مِصْدَاق مَا أَعْلَنَهْ

مَا نَفَقَاتُ المَالِ إِلاَّ عَلَى … مَا تَشْتَهِيهِ النَّفْسُ بِالهَيِّنَهْ

يَا أَيُّهَا النَّاعِيِهِ فِي قَوْمِهِ … نَعَيْتَ أَوْفَى خَادِمٍ مَوْطِنَهْ

فَتىً رَعَى كُلَّ مَوَاثِيقِهِ … عَلَى اخْتِلافِ الحَالِ وَالآوِنَهْ

إِنْ يَرْأَسِ الشُّورَى يَسُسْهَا وَلَمْ … تُؤْخَذْ عَلَيْهِ فِي مَقَامٍ هَنَهْ

وَلَمْ يَكُنْ إِلاَّ أَخاً نَاصِحاً … فِي رُفْقَةٍ عَنْ ثِقَةٍ مُذْعِنَهْ

أَوْ يَبْرَحِ المَنْصِبَ تَنْهَضْ عَلَى … قُدرَتهِ فِي ذَاتِهِ البَيِّنَهْ

فِي جَنْبِ ذَاكَ الفَضْلِ أَقْلِلْ بِمَا … تُعَدِّدُ الأَقلامُ وَالأَلسِنَهْ

يَا عَانِياً يَفْدِيهِ مِنْ قَيْدِهِ … أَعِزَّةٌ لَوْ فِدْيَةٌ مُمْكِنَهْ

ضَمَّكَ لُبْنَانُ إِلَى صَدْرِهِ … وَقَدْ يَجِد الحِسُّ بِالأَمْكَنَهْ

رَقَّتْ لَكَ الأَضْلاعُ مِنْهُ فَمَا … وُسِّدْتَ إِلاَّ مُهْجَةً لَيِّنَهْ

نَمْ هَانِئاً كَمْ سَاهِدٍ فِي ثَرَى … غُرْبَتِهِ وَدِّ بِهِ مَدفَنَهْ

وَلَتَكْسُ مَثْوَاكَ غَوَادِي الحَيَا … مِنْ كُلِّ نَاضِرٍ أَزْيَنَهْ

فِيهِ صِبىً حَقَّ عَلَى مِثْلِهِ … أَنْ تَحْنُوَ الوَرْدَةُ وَالسَّوْسَنَه