يَا آيَةَ العَصْرِ حَقِيقٌ بِنا – خليل مطران
يَا آيَةَ العَصْرِ حَقِيقٌ بِنا … تجْدِيدُ ذِكْرَاكِ عَلَى الدَّهْرِ
جَاهَدْتِ لَكِنَّ النَّجَاحَ الَّذِي … أَدْرَكْتِهِ أَغْلَى مِنَ النَّصْرِ
بَدَتْ تَبَاشِيرُ الْحيَاةِ الَّتِي … جَدَّتْ فحَيِّي طَلْعَةَ الفجْرِ
قدْ أَثْبَتَتْ يَقْظتَهَا لِلعُلَى … بَعْدَكِ ذَاتُ الخِدْرِ فِي مِصْرِ
فَبَرَزَتْ مِنْهُ وَلَكِنَّهَا … مَا بَرَزَتْ عَنْ أَدَبِ الخِدْرِ
تَعْفَو عَنِ المُخْطِيء فِي حقِّهَا … حِلْماً وَتسْتعْفِي مِنَ النكْرِ
مَكانُهَا أَصْبَحَ مِنْ زَوْجِها … مَكَانَ تِمِّ الشِّطْرِ بِالشَّطْرِ
لهَا عَلَى الوَاجِبِ صَبْر وَإِنْ … شَقَّتْ وَمَرَّتْ شِرْعَةُ الصَّبْرِ
مَخَايِلُ العَزْمِ تِري وَرْيَهَا … مُؤْتَلِقاً فِي وَجْهِهَا النَّضْرِ
وَتَلْمَحُ العَيْنُ حُلَى نَفْسِهَا … أَزهَى وَأَبْهَى مِنْ حُلَى التِّبْرِ
فِي أَيِّ عَصرٍ كانَ عِرْفَانهَا … أَوْ خبْرُهَا مَا هُوَ فِي العَصْرِ
قَدْ عِلمَتْ أَنَّ المزَايَا وَإِنْ … جَلَلْنَ لاَ يُغْنِينَ مِنْ طُهْرِ
لو جُمعَتْ فِي نَسَقٍ بَارِعٍ … كَرِيمَةُ الأَحْجَارِ وَالدُّرِّ
وَلمْ تُصِبْ نُوراً فَتُبْدِي بِهِ … زِينَتَنهَا الخلاَّبَةَ الفِكْرِ
أَلاَ يَكونُ الفحْمُ وَالمَاسُ فِي … مُنْجَمِهِ سِيَّيْنِ فِي القَدْرِ
يَا مَنْ ذوَت فِي زَهْرَةِ العُمْرِ مَا … أَقْسَى الرَّدَى فِي زهْرَةِ العُمْرِ
إِنْ تبْعَدِي مَا بَعُدَتْ نَفْحَةٌ … تَرَكْتِهَا مِنْ خَالِصِ العِطْرِ
فِي كُتبٍ مَأثورَةٍ كلُّهَا … كالرَّوْضَةِ الدَّائِمَةِ الزَّهْرِ
وَلاَ نَأَى عَنْ مَسْمَعِ القَوْمِ مَا … غنَّيْتِ مِنْ أُنْشُودَةٍ بِكْرِ
خَالِدَةِ التَّرْدِيدِ فِي مِصْرَ عَن … نابِغَةٍ خَالِدَةِ الذكْرِ
بِشَدْوِهَا المُؤْلِمِ فِي أَسْرِهَا … أَطْلَقتِ الطَّيْرُ مِنَ الأَسْرِ
مَا الوِزْرُ أَنْ تَبْدُوَ ذَاتَ الحُلى … وَسَيْرُهَا خِلوٌ مِنَ الوِزْرِ
أَيُّ كَمَالٍ وَجَمَالٍ يُرَى … كَمَا يُرَى فِي طَالِعِ الزَّهْرِ
فبِاسْمِ طُلاَّبِ رُقِيِّ الحِمَى … وَبِاسْمِ أَهْلِ الخُلقِ الحُرِّ
أُهْدِي إِلى رُوحِكِ فِي عَدُنِهَا … أَنْفَسَ مَا يُهْدَى مِنَ الشُّكْرِ
هَلْ كُنْتِ إِلاَّ كَوْكَباً آخِذاً … فِي أُفُقِ العَلْيَاءِ مِنْ بَدْرِ
فضْلُكِ مِنْ فَضْلِ أَبِيكِ الَّذِي … كَان أَبَا الآدَابِ فِي القطْرِ
أَبْرَعُ مِنْ جَوَّدَ فِي مُرْسَلٍ … وَخَيْرُ مَنْ جَدَّدَ فِي شِعْرَ
قَصَّرْتَ فِي إِيفَائِهِ حَقَّهُ … تَقْصِيرَ مَغْلُوبٍ عَلَى أَمْرِي
وَكانَ مِنْ عُذْرِ الأُولَى أُرْجَأُوا … تَأْبِينَهُ مَا كَانَ مِنْ عذْرِي
شُلَّتْ يَدُ البَيْنِ الَّذِي سَاءَنَا … بِفَقْدِ ذَاكَ العَالِمِ الحَبْرِ
أَلْعَامِلُ الثَّبْتُ الَّذِي إِنْ يُفِضْ … فِي مَبْحَثٍ حَدِّثْ عَنِ البَحْرِ
رَبُّ المَعَانِي وَالبَيَانِ الذِي … علَّمَنَا مَا لَمْ نَكُنْ نَدْرِي
أَلبَاذِلُ العِلْمَ لطُلاَّبِهِ … بَذْلاً وَمَا كَانَ مِنَ التَّجْرِ
يُثَقِّفُ النَّشْءَ عَلَى أَنَّهُ … أَعْلَى مَنارٍ لأُولِي الذِّكْرِ
فِي صَدْرِهِ الرِّفْقُ جَمِيعاً وَمَا … مِنْ رِيبَةٍ فِي ذلِكَ الصَّدْرِ
أَخْلَصُ شَيءٍ لأَوِدَّائِهِ … نِيَّتُهُ فِي السِّرِّ وَالجَهْرِ
فَرَحْمَةُ اللهِ وَرِضْوَانُهُ … عَلَى فَقِيدَتْنَا إِلى الحَشْرِ
مِنْ وَالِدٍ بَرٍّ وَمِنْ بِضْعَةِ … طُهْرٍ أَنَارَا ظُلْمَةَ القَبْرِ