يَئسْتُ منَ الْحَيَاةِ وَكَانَ يَأْسي – خليل مطران
يَئسْتُ منَ الْحَيَاةِ وَكَانَ يَأْسي … يُريحُ النَّفْسَ لَوْ سَكَتَ الضَّميرُ
وَلَكنِّي أُسَامُ عَذَابَ فكْري … وَذلكَ في الْحسَاب هُوَ العَسيرُ
فَقَدْتُ هَنَاءَتي وَسُكُونَ بَالي … وَفَارَقَني نَعيمي وَالسُّرُورُ
وَصِرْتُ إِلى هَوَانٍ بَعْدَ عِزٍّ … فَيَا حُزني وَيَا بئْسَ المَصيرُ
خَفرْتُ ذِمَامَ زَوْجي وَهْيَ أَوفَى … مُحَصَّنَة بهَا تُزهَى الخُدُورُ
وَخُنْتُ وَليَّ نِعْمَتنَا فَذَنْبي … إِلَيْهِ بقَدْر نعْمَتِهِ كَبيرُ
وَليًّ كَانَ بَعَدَ أَبي كَفيلي … عَقَقْتُ جَميلَهُ وَلي الثَبُورُ
غُرِرْتُ فَمَا ارْتَوَيْتُ فَنَالَ منِّي … اشَدَّ مَنَالَهُ ذَاكَ الغُرُورُ
وَحَاقَ بِيَ الشَّقَاءُ فَلَسْتُ أَلْقَى … سِوَاهُ حَيْثُ أَمْكُثُ أَوْ أَسِيرُ
تبَدَّلَ عَاجِلاً مَا كانَ حُسْنِي … فحُسْنِي الْيَوْمَ مِسْكِينٌ حَقِير
تنَابذُهُ الْبُيُوتُ بِكُلِّ حَيِّ … وَخيْرٌ مِنْهُ مَنْ تَحْوِي الْقبورُ
تَعَالوْا يَا بَنِي أُمي اشْهَدونِي … فمَا بَعْدَ الذِي أَلْقى نكِيرُ
جُنِنتُ بِحبِّ فَاجِرَةٍ فهَذا … مِنَ الآثَارِ مَأْثرَك الفجورُ
أَبَحْت لَهَا دَمِي وَجَفوْتُ أَهْلِي … فكان الصَّدُّ مِنْهَا وَالنُّفُورُ
وَجَدْتُ بَحْرَ مَالِي لمْ يَرُعنِي … قَلِيلٌ ضَاعَ مِنْهُ وَلاَ كثِيرُ
فَلَمَّا اسْتنْزَفَتْ وَفْرِي أَرَتْنِي … خَبِيئَةَ نَفْسِهَا تِلْكَ الكُفُورُ
بَدَا لِي قُبحٌ مَا سَترَتْ حُلاَهَا … فرُحْتُ وَلَيْسَ فِي عَيْنِيَّ نورُ
كَرِيهاً مُبْعَداً وَالْبَابُ بَابِي … كَمَا يُقْصَى وَقَدْ كُرِهَ الأَجِيرُ
أَأَحْيَا بَعْدَ أَنْ رُضَّتْ حَصَاتِي … وَعَمَّتْ مَا يحِيْطُ بِي الشُّرُورُ
وَيُرضِيني أَزَمَّ الْعَيْشِ أَني … إِذَنْ فِي غَيْرِ مَحْمِدَةٍ صَبُورُ
إِذَا أَحْجَمْتُ وَالإِقْدَامُ حَقِّي … وَهَانَ عَلَى كرَامَتِيَ الْعَسِيرُ
فَقَدْ أَبْقَى الْجَبَانُ النَّذْلُ مِنِّي … وَقَدْ هَلَكَ الْفَتَى الْحُرُّ الْجَسُورُ