يوم ارتوى الثأر – بدر شاكر السياب
بشراك هذا الذلة انقشعا … وانفك عن ساعيك القيد وانقطعا
ازلزل الشر ما خلفت زاوية … يندس فيها ولا أبقيت منتجعا
يا أمة ما انهوى عن صدرها صنم … الا وأوصى لدانمنه فافترعا
من كل جازي يد بالزاد تطعمه … غلا ومن آكل الثدي الذي رضعا
هاك اسمعي الصور والموتى اذا انبعثوا … فاليوم كل سيجزى بالذي صنعا
الله أكبر ما أمهلت طاغية … الا لكي يحصد النار التى زرعا
جيل من الأعين الغضبى وقافلة … من غيظ جيلين في ميعادك اجتمعا
وانحط منها على الباغي وزمرته … ظل تخطى اليه السور والقلعا
كالسيل من حمم والنار من ظلم … والموت لو كان يحوي ذلك الفزعا
ما رعب قابيل اذ يعدو فتتبعه … عينا أخيه المسجى حيثما نزعا
شق الثرى عنه من لحظيهما شبح … أزجى عليه الدم المطلول فاتسعا
يوما بأوفى من الرعب الذي فجأت … نكبأؤه الصرصر الطاغوت فامتقعا
يوم اشتفى كل قلب كان فاجمعه … وزلزل القصر حتى مال وانصدعا
وامتد من حيث ولى باع محتجز … واسود من حوله الفولاذ والتمعا
في موقف تنفس الشحاذ ذلتها … فيه الأمير الذي من جوعها شبعا
وزمرة من لصوص كل ما جمعت … ما رد عنها قضاء الشعب أو دفعا
أنزلت بالثورة البيضاء عاليها … سفلا وعاجلت منها الرأس فاقتطعا
لم يرتو الثأر من جلاد أمته … حتى وان جندلته النار وانصرعا
فاقتض من جيفة الجلاد مجتزيا … منها عداد الضحايا من دم دفعا
هذا الذي كل ثكلى فهو مشكلها … والمستحل الضحايا ليته ارتعدا
والسارق النور من عيني أطفأه … والجاعل النوم في مهد ابنني وجعا
بالأمس كنا سبايا دون سدته … فاليوم نعطيه ما أعطى وما منعا
ما قطعته الجموع الثائرات ولا … أدمته الا بما أدمى وما قطعا
لم يكذب الجيش الا ظن شرذمة … خالته في كل ما تبغى له تبعا
والجيش ما كان الا سور أمته … والرافع الجور عنها كلما وقعا
ان تعل وان تمس بنائبة … مسته أدهى وان نادت به سمعا
والجيش ما كان الا سر قائده … هذا الذي حرر الأعناق اذ طلعا
عبد الكريم الذي أجرى بثورته … ماء ونورا كغيم ممطر لمعا
أمسرى وبغداد تحت الليل غافية … في سجنها وسهيل بعد ما طلعا
فما تنفس أو كاد الصباح نها … الا وقد حطم الأوثان واقتلعا
في ثورة عاد منها الشعب منتصرا … والحق مزدهرا والبغي منصرعا
حتى ازدهى كل شبر في العراق ففي … مينائه اليوم نور الفجر قد سطعا