يقولون صف حرب الرعية والجند – الخُبز أَرزي
يقولون صِف حربَ الرعيَّة والجندِ … وصلحَ رجالٍ من بلالٍ ومن سعدِ
ولي شغل في صلح قلبي وناظري … على تَلفي حتى فنيتُ من الوجدِ
ويقبح ذكرى وقعةٍ وبمهجتي … وقائع شتّى من جهاد ومن جهدِ
وكم قتلةٍ لي في حروبٍ من الهوى … تسلَّط فيهن الظباءُ على الأُسدِ
فواللَهِ ما هَزُّ الرماح بمقلتي … بأروع لي من هَزِّ معتدل القد
وان ارتكاض الشوق في حلبة الحشا … لأَهوَلُ من ركض المسوَّمة الجردِ
ولحظ عيون العِين أمضى مضارباً … وأتلفُ للأرواح من قضُب الهندِ
وأنفَذُ من وقع السهام تغازلٌ … على القرب أو حُسن الإشارة من بُعدِ
سهام الهوى تُهدى إلى باطن الحشا … وتُردي ولكن لا تؤثِّر في الجِلدِ
عجبتُ من الطرف المكحَّل أنه … يُشحِّطني بالسيف والسيف في الغمدِ
فلو أنني في غمرَتي حرب داحسٍ … وحرب بسوسٍ كان دون الذي عندي
وشيطان شعري ليس يُعذَر حيث لا … يراد له ما نفع زرعٍ بلا حصدِ
ولي هاجس طَلق على كل لذةٍ … وما هاجسي وقفاً على الأجر والحمد
وأبسط أُنسي في الملاح ممازحاً … فإن تسطو بي صار مزحي إلى حدِّ
فمن حيث داروا درتُ فيهم ككوكب … بأرزن من قاضٍ وأسخف من قرد
ولي قلبُ برقٍ تحت رعدِ فكاهةٍ … فأستمطر اللذات بالبرق والرعدِ
وأطرد من أحببتُ طردَ تظرُّفٍ … فيجذبه لي ما تقدَّم من طردي
مفاكهةً طوراً وطوراً دماثة … وطوراً مجوناً كلُّ ذلك من عندي
فتُقضى ديون العاشقين نسيئة … بوكسٍ ودَيني في وفاء وفي نقدِ
خليليَّ هل أبصرتما أو سمعتما … بأكرم من مولىً تمشّى إلى عبد
أتى زائراً من غير وعدٍ وقالي لي … أصونك من تعليق قلبك بالوعدِ
فما زال نجم الكأس بيني وبينه … يدور بأفلاك السعادة والسعدِ
سَلِ الكأسَ لِم تبدي لنا في خدودنا … حياءً وفي أفعالنا قِحَةً تبدي
تواقح تجميشي فأظهر خدُّهُ … حياءً على تلك الوقاحة يستعدي
ولكن إذا راحٌ وروح تغازلا … تحاقد ذاك الخدُّ واحمرَّ للحقدِ
لثمتُ ثناياها فذقتُ رُضابَها … كذوب نقيِّ الثلج في خالص الشَّهدِ
فقلتُ لها لمّا ترشَّفت ريقَها … فأطفى غليلاً كان مضطرم الوقدِ
أرى نَفَسي خلَّى الجحيم بلا لظى … وريقك خلّى الزمهرير بلا بردِ
فقالت تمتَّع بالحياة فإنما … حياة الفتى تعديله الضدَّ بالضدِّ
فمازلتُ في كدٍّ هو الفوز بالمنى … وكم راحةٍ للروح في ذلك الكدِّ
تمردت في المرد الملاح لأنهم … من المهد شرطي سرمداً وإلى اللحدِ
أُموِّه كذباً بالل تستراً … على عاذلي والله يعلم ما قصدي
ببدرين من بدر السماء ووجها … وليلينِ من ليلٍ ومن فرعها الجعدِ
فبتنا بليلٍ كان من طيب عيشه … وتخليد ذكراه جنى جنة الخلد
وأفركُ رمّانَ الصدور وأكتفي … بورد جنيّ في الخدود عن الورد
فلو لم يكن في العشق سحرٌ وأُخذةٌ … لمَا أنِس الوحشُ المفرّدُ بالقهد
وإن ترني فرداً وحيداً فإنما … تزيف إناثُ الطير للذكر الفرد
فكم نلتُ نعمى أحمد اللَه عندها … وقد تعب الشيطان فيها بلا حمد
لقد ركز الشيطان بند جيوشه … ببندي فكل الجيش يأوي الى بندي
فلو وُلد المولود بالصين فارهاً … أتتني به الأخبار ركضاً على البُردِ
يزيد مجوني عند عشقي كمثل ما … تزيد بوهج الجمر رائحة الندِّ
صلابة وجهي في الهوى لو تمثلت … بأيام ذي القرنَينِ أغنت عن السدِّ
اذا جمحت خيل الهوى للذاذتي … فألف عنان لا يطيق بها ردّي
ولم ينتفع بي غير إبليس وحده … وإن متُّ لم يظهر على غيره فقدي
وكنتُ فتىً من جند إبليس فارتقى … بي الأمر حتى صار إبليس من جندي
فلو مات قبلي كنتُ أُحسن مثله … صنايع فسق ليس يُحسِنُها بعدي