يخيل لي برق من الثغر لامع – ابن نباتة المصري

يخيل لي برق من الثغر لامع … فيسبقه غيثٌ من الجفن هامع

ويرفع طرفي للصبابة قصة ً … فتجري على عاداتهن المدامع

بروحيَ من قال الرقيب لحسته … على كل حين من وصالك مانع

ومن كل يومٍ في هواها متيم … يموت ولوامٌ عليه تنازع

تدافعني فيها الوشاة عن الأسى … ومالشهودِ الدمع والسقم دافع

وذي عذلٍ في الحب لا هو ناظرٌ … إلى حسن من أهوى ولا أنا سامع

مضى في الهوى قيس وقد جئت بعده … فها أنا للمجنون في الحبّ تابع

تذكرني الورقاء بالرمل معهداً … فهل نجم أوقاتي على الرمل طالع

وتشدو على عيدانها فتثير لي … كمائن وجدٍ ضمنتها الأضالع

وذكرى شهابٍ كان لي من ورائه … إلى مالكٍ لي في الصبابة شافع

وأوقات أنس بين شادٍ وشادنٍ … كما اقترح اللذات راءٍ وسامع

وكأس لغيري أصفر من نضارها … ولي من لمى المحبوب للهمّ فاقع

تعوضت عنها بارتشاف مديرها … كما حرمت منها عليّ المراضع

وقضيتها أوقات لهوٍ كأنما … عفا الدهر عنها فهو يقظان هاجع

زمان الهوى والفودُ أسود حالكٌ … وعصر الصبى والعيش أبيض ناصع

إذا ابيض مسودِ العذار فانما … هو الصبح للذّات بالليل قاطع

لعمري لقد عاد النعيم لفاقدٍ … وقد طلعت للشام نعم المطالع

وزارة شمسيّ الثنا يعتلى به … محلّ ويدنو نوره والمنافع

هنيئاً لأفق الشام يا شمسَ مصره … بأنك بالتدبير للشام طالع

وأنك لا كالشمس ظلك سابغٌ … ولكن لأهل الزيغ وقدك قامع

وأنّ نماء الخلق والرزق لم يزل … الى الشمس عن إذن من الله راجع

وأنك يا موسى لذو القلم الذي … تهشَ به أهل الحيا وتدافع

عصاً لبلاد الشام فيها مآرب … ومن يدك البيضاء فيها صنائع

فراعنة الكتاب عن ظلمنا ارجعوا … فقد جاء موسى والعصا والقوارع

وذو الهيبة اللاتي بها يزع الورى … و ما ثمّ إلا خوفك الله وازع

اذا المرء خاف الله خافت من اسمه … أسود الفلا والعاديات الرواتع

لنعم الوزير الباسط اليد أنعماً … وأدعية للملك جذلان وادع

أخو الزهد والتدبير اما تهجدٌ … واما يراع ساجدُ الرأس راكع

ولو لم يجدنا غيث جدواه جادنا … بفضل دعاه شائع الغيث ذائع

تقصر أفكار العدى عن خداعه … ويخدعه في الجود من لا يخادع

أنا ابن كثيرٍ في رواية جوده … ومن كلّ بأسٍ عاصم ثم نافع

يقوم مقام النيل في مصر فضله … اذا جرّت الاقلام تلك الاصابع

ويغني عن الأنواء في الشام عدله … وعدل الفتى للخصب نعم المزارع

أتانا وقد ضنَّ السحاب بقطره … فجاد وأجدى نيله المتدافع

ولما وجدنا للثراء زيادة ً … علمنا بأن الشام للخير جامع

كذا فليدبر دولة ً ورعية ً … وزيرٌ لجمع المال والجود بارع

ألم ترني من بعد ذلٍ وفاقة ٍ … بظلّ نداه والعناية راتع

ألم ترني في طوق نعماه ساجعاً … ولا عجبٌ إنّ المطوق ساجع

وسابق ظني لا الوسائل قدمت … ولا قربتني من حماه الشفائع

وعجّل معلومي وما كنت واصلاً … الى ربعه والشهر للشهر رابع

وأصلح مني ظاهراً ثم باطناً … فلا أنا عريانٌ ولا أنا جائع

إليك ابن تاج الدين در مدائح … بداية مهديها اليك بدائع

واني وان باكرت بالمدح منشدا … لداع باستار الاجنة ضارع

نباتي لفظ قد حلا وتكررت … اليك به للانام المطمع

وقد كان من حيث الاضاعة ضائعاً … فها هو من حيث التضرع ضائع

تقول رياض المزهرات لزهره … بلينا وما تبلى النجوم الطوالع

لك الله في كل الامور مؤيد … يمدك بالدهر الذي هو طائع

ولا ترفع الأيام ما أنت خافض … ولا تخفض الايام ما أنت رافع