يا دارُ ما أبقت الليالي – مهيار الديلمي

يا دارُ ما أبقت الليالي … منكِ سوى أربعٍ بوالي

لم يفنَ فضُّ الربيع فيها … عذراءَ مختومة َ العزالي

أنحلها الظاعنون حتى … تعطلتْ والزمان حالي

وكيف يزكو ترابُ ربعٍ … غدا من الشمس وهو خالي

لو فارق الراحلون عنه … بحرا لدسناه بالنعالِ

ما أنتِ يا أذرع المطايا … إلا المنايا تحت الرحالِ

ولا نساءٌ راحت بفلجٍ … إلا بلاءٌ على الرجالِ

كم ضيعة ٍ باللوى صريع … تختله مقلتا غزالِ

وبالنقا من دمٍ ثقيل … أرخصه البينُ وهو غالي

ما نصلتْ من حرارِ سلع … تلك الحنايا تحت النِّصالِ

حتى تيقّنتُ أنّ حلما … كنّ الليالي على ألال

راحوا فمن ضاحكٍ وباكٍ … شجواً ومن وامقٍ وقالي

وفي الغبيطِ المومى إليه … بدرُ دجى من بني هلالِ

سمراء خلَّى البياضُ رغما … للونها صبغة َ الجمالِ

يقول مسواكها لفيها … من أنبع الخمرَ في اللآلي

كبانة الرمل لم يعبها … نفجٌ ولم تشقَ بالهزالِ

تمسح بالأرض ذا قرونٍ … تضلّ فيه أيدي الفوالي

حلت لأهل العذيبِ بعدى … ملحاءُ ممطولة ُ السجالِ

وغادروني أغصُّ شوقا … بالعذب من دجلة الزلالِ

لا جرَّ بالأنعمين يومٌ … ذيلَ جنوبٍ ولا شمالِ

إلا احتبى مهديا سلامي … لبانة ٍ فيه أو غزالِ

بمن أحلَّ الشكوى وألقى … وسوق أشجاني الثقالِ

وكيفَ في رقية الليالي … وصمِّ حيَّاتها احتيالي

صدَّ حبيبٌ وصدَّ حظٌّ … فعمّن المستهامُ سالي

قد جُمعَ البخلُ والتجنّي … واختلطَ اللؤمُ بالدلالِ

فلست أدري أداءُ قلبي … أضوى بجسمي أم داء حالي

بلِّغْ زمانَ النّفاق عنّى … مالك يا قاتلي ومالي

كسرٌ على الجبر كلَّ يومٍ … منك وجرحٌ على اندمالِ

قد هوّنتْ عندي التوالي … من شرِّك السُّبقُ الأوالي

باليتُ حينا بسوء حظّي … ثمّ تألّيتُ لا أبالي

قل للغنيِّ البخيل أمناً … مالك بسلٌ على سؤالي

مثلك ما رسته فأعيا … يمينه الغمزُ في شمالي

كنتُ على عفّتي وصوني … أشفقُ منه على النوالِ

لي من بقايا الكرام مرعى ً … يسمنُ فيه عرضي ومالي

بيتٌ هو المجدُ كلّ مجدٍ … من يدعيه مجدُ انتحالِ

يسامتُ الشمسَ ثمّ تهوي … فتهبط الشمسُ وهو عالي

طنَّبَ بالأذرع الطوالِ ال … جبالَ تحت القنا الطوالِ

وجلَّ فالمنتمي إليه … يعجب من رقّة الجبالِ

شيَّدَ عبدُ الرحيم منه … أشرفَ بيتٍ لخير آلِ

واقتزع الدهرمن بنيه … سميَّ أبراجه العوالي

كلّ كريم الوجهين يرمي … سؤددَ عمٍّ بمجدِ خالِ

جروا فمن سابقٍ مجلٍّ … ولاحقِ الأيطلين تالي

ينظِّمون العلا اتصالا … نظمَ الأنابيب في العوالي

ونطقتْ بالحسين منهم … شهادة ٌ في أبي المعالي

حدَّثَ عنه والبدرُ تنبي … عن نوره غرّة ُ الهلالِ

ساد وما اسودّ لهزماه … وابتدأ الفضلَ بالكمالِ

وأظلعَ البزل منه ثقلٌ … أقلَّه وهو في الفصال

عبلُ الحجا واسعُ العطايا … جعدُ المساعي سبطُ الجلالِ

معتدلُ الجانبين ماضٍ … من طرفيه على مثالِ

باركَ فيه يداً ووجها … مَن قرَن الجودَ بالجمالِ

أصفرَ كفّاً وعزّ نفساً … فقال نفسي مكانُ مالي

فمن أراد البقيا عليه … فليكفه جانبَ السؤالِ

راشك لي نافذاً مصيباً … بارٍ تجنَّى على نبالِ

فما أرنَّتْ عليك قوسى … إلا ولى خصلة النضالِ

جنيتُ منك الودادَ حلواً … إذ كان من كسبي الحلالِ

كم من يدٍ قد أصبت فيها … مطبِّقا ثغرة َ اختلالي

مواهبٌ إن تغبَّ أخرى … منها فقد زارتِ الأوالي

وربَّ منع والعذرُ فيه … ممَّثلٌ قائمٌ حيالي

فلا تجشَّمْ ثقلَ احتشامي … ولا تخفْ قلَّة َ احتمالي

فالمالُ عندي ما دمتمُ لي … باقينَ يا أيُّها الموالي

رأيكمُ لي كنزٌ وأنتم … صفقة ُ ربحي ورأسُ مالي

فلتنقلبْ عنكم الليالي … شلاَّءَ مبيضَّة النِّصالِ

ولتتحرّشْ بحاسديكم … تحرُّشَ النار بالذُّبالِ

وطرقتكم فلا أغبَّتْ … ما ارتاح صبٌّ إلى الخيالِ

شواردٌ من فمي عذابٌ … في سمع مصغٍ ولفظ تالي

تزداد بالوصلِ فضلَ حبٍّ … وربَّ مملولة الوصالِ

يلبس منها النيروزُ عقدا … فصِّلَ بالسحر لا اللآلي

جواهرٌ كلّهنّ يتمٌ … توجدُ مفقودة المثالِ

تجنَّبَ الغائصون عجزا … عنها وجاشتْ بحارها لي