يا أَيُّهَا ذَا الوَطَنُ الْمُفَدَّى – خليل مطران

يا أَيُّهَا ذَا الوَطَنُ الْمُفَدَّى … تَلَقَّ بِشْراً وَتَمَلَّ السَّعْدَا

لَمْ يَرْجِعِ العِيدُ مُرِيباً إِنَّما … أَرَابَ قَوْمٌ مِنْكَ ضَلُّوا الْقَصْدَا

يَا عِيدُ ذَكِّرْ مَنْ تَنَاسَى أَنَّنَا … لَمْ نكُ مِنْ آبِقَةِ العِبِدَّى

كُنَا عَلَى الأَصْفَادِ أَحْرَارَاً سِوَى … أَنَّ الرَّزَايَا أَلْزَمَتْنَا حَدَّا

كُنَّا نَجِيشُ مِنْ وَرَاءِ عَجْزِنَا … كَمُتَوَالِي الْمَاءِ لاقَى سَدَّا

حَتَّى تَدَفَّقْنَا إِلى غَايَتِنَا … تَدَفُّقَ الأَتِيِّ أَوْ أَشَدَّا

وَكُلُّ شَعْبٍ كَاسرٍ قيُودَهُ … بِالْحَقِّ مَا اعْتَدَى وَلاَ تَعَدَّى

فَلَم نَكُنْ إِلاَّ كِرَاماً ظُلِمُوا … فَاسْتَنْصَفُوا وَلَمْ نَطِش فَنَرْدَى

إِنِّي أُحِسُّ فِي الصُّدُورِ حَرَجاً … يُقِيمُهَا وَفِي الزَّفِيرِ صَهْدا

إِيَّاكُمُ الْفِتْنَةَ فَهْيَ لَوْ فَشَتْ … فِي أَجَمَاتِ الأُسْدِ تُفْنِي الأُسْدَا

أَما رَأَيْتُمْ صَدَأَ السَّيْفِ وَقَدْ … غَالَ الفِرِنْدَ ثُمَّ نَالَ الْغِمْدا

فَلاَ تَفَرَقُّوا وَلاَ تنازَعُوا … أَعدَاؤُنا شُوسٌ وَلَيسُوا رُمْدا

أَخَافُ أَنْ نُمْكِنَكُم مِنَّا بِمَا … يَقْضِي لَهُم ثَأْراً وَيشْفِي حِقْدَا

أَوْ أَنْ نُقِيمَ حُجَجاً دَوَامِغاً … لَهُمْ عَلَيْنَا فَنَجِيءَ إِدَّا

قَدْ زَعَمُوا الشُّورَى لَنَا مَفْسَدَةً … عَلَى صَلاَحِهَا أَقَالُوا جدَّا

وَهَلْ أَزَلْنَا مُسْتَبِداً واحِداً … عَنَّا كَدَعْوَاهُمْ لِنَسْتَبِدَّا

دُعاةَ الاسْتِئْثَارِ إِنْ لَمْ تَنْتَهُوا … وَتَرْعَوُوا سَاءَ المَصِيرُ جِداً

بِصِحَّةِ الشُّورى نَصِحُّ كُلُّنَا … فَإِنْ أَرَبْنَا قَتَلَتْنَا عَمْدَا

فِي كُلِّ شَعْبٍ كَثُرَتْ أَجْنَاسُهُ … لاَ شَيْءَ كَالْقِسْطِ يَصُونُ العِقْدَ

تَشَارَكُوا فِي الْحُكْمِ وَاخْتَارُوا لَهُ … خِيَارَ كُلِّ مِلَّةٍ يَستَدَّا

فَقَدْ يَرَى الْبَصِيرُ مِنْهَا كَثَبَا … مضا لاَ يَرَاهُ الاَبْصَرُونَ بُعْدَا

إِنَّ السِّرَاجَ الَّذِي جَاوَرَهُ … أَجْلَى مِنَ النَّجْمِ سَنىً وَأهْدَى

تَعَاوَنُوا تَرْقَوْا فَإِنْ تَنَافَرُوا … عَلَى الحُطَامِ لَمْ تَصِيبُوا مَجْدَا

أَغْلَى تُرَاثٍ فِي يَدَيْكُمْ فَاحْرِصُوا … مِنْ قَدَّرَ الذُّخَر تَفَادَى الفَقْدَا

دَوْلَتُنَا دَوْلَتُنَا نَذْكُرُهَا … بِأَنْفُسٍ تَدْمَى عَلَيْهَا وَجْدَا

أَلْحُرَّةُ المُنْجِبَةُ الأُمُّ الَّتِي … بِالْمَالِ تُشْرَى وَالْقُلُوبِ تُفْدَى

إِخْشَوْا عَلَيْنَا الْيُتْمَ مِنْهَا فَلَقَدْ … أَرَى أَمَرَّ اليُتْمِ أَحْلَى وِرْدَا

وَأَنْتُمُ يَا أُمَّتِي أُرِيدُكُمْ … عِنْدَ رَجَائِي حِكْمَةً وَرُشْدَا

يَا أُمَّتِي بِالعِلْمِ تَرْقَوْنَ الْعُلَى … وَتَكْسِبُونَ رِفْعَةً وَحَمْدَا

وَبِالْوِفَاقِ تَمْلِكُونَ أَمْرَكُمْ … وَتَغْنَمُونَ الْعَيْشَ طَلْقَاً رَغْدَا

فَمَنْ يُخَالِفْ صَابِرُوهُ إِنَّهُ … لَذَاهِبٌ فَرَاجِعٌ لاَ بُدَّا

أَلَيْسَ تَائِباً إِلى حَيَاتِهِ … مَنْ لَمَحَ الخَطْبَ بِهَا قَدْ جَدَّا

فَإِنْ غَوَى أَخُْو نُهىً فَمُهْلَةً … حَتَّى يَرُدَّهُ نُهَاهُ رَدَّا

مَتَى أَرَى الشَّرْقِيَّ شَيْئاً وَاحِداً … كَمَا أَرَى الغَرْبِيَّ شَيْئاً فَرْدَا

مَتَى أَرَانَا أُمَّةً تَوَافَقَتْ … لا مِلَلاً مُمْتَسِكَاتٍ شَدَّا

كَمْ سَبَقَتْنَا أُمَّةٌ فَاتَّحَدَتْ … وَأَدْركَتْ شَأْناً بِهِ مُعْتَدَّا

قَامَ بَنُوهَا كَالعِمَادِ حَوْلَهَا … فَبَسَطُوا رُوَاقَهَا مُمْتَدَّا

سَعَتْ إِلَى غَايَتِهَا قَصْداً عَلى … تَثَبُّتٍ فَبَلَغَتْهَا قَصْدَا

بِلْكَ لَعَمْرِي سُنَّةٌ نَجَا بِها … مِنْ قَبْلُ أَقْوَامٌأَنَتَحَدَّى

لِيَأْبَ حِرْصُنَا عَلَى البَقَاءِ أَنْ … جَدَّتْ بِنَا حَالٌ وَلا نَجِدَّا

كَالطَّلَلِ الْبَاقِي عَلَى إِقْوَائِهِ … لا عَامِراً يُلْفَى وَلا منْهَدَّا

نَصِيحَتِي نَظَمْتُهَا وَدَّاً لَكُمْ … وَلَوْ نَثَرْتُ لَمْ أَزِدْهَا وُدَّا

أَلْفَاظُهَا نَدِيَّةٌ بِأَدْمُعِي … عَلَى التَّلَظِّي وَالْمَعَاني أَنْدَى

أَرْسَلْتُهَا مَعَ الضَّمِيرِ مِثْلَمَا … جَاءَتْ وَمَا أَفْرَغَتُ فِيهَا تجُهْدَا

إِنِّي أُبَالِي وَطَنِي أَصْدُقُهُ … وَمَا أُبَالِي لِلْوُشَاةِ نَقْدَا