يا أيها المشغوفُ بالذكر – محيي الدين بن عربي

يا أيها المشغوفُ بالذكر … في حالة ِ الإشفاعِ والوترِ

لو كنتَ لي في عالمِ الخلقِ … لكنتَ لي في عالمِ الأمرِ

إنْ ضاقَ ظرفُ الدهرِ عنْ عينكم … فلمْ يضقْ عن عينكم صدري

ما أوسع القلبَ إذ آمنت … جوارحي بكلِّ ما يجري

لم أدرِ أنَّ للقلب ظرف لكم … لولا الذي أخبرني سري

عندَ تجليهِ لنا طالباً … في ليلة ٍ يعطى إلى الفجرِ

أنتَ الذي أخبرتني بالذي … فهمت به في السِّرِّ والجهر

على لسانِ السيدِ المصطفى … الطيبِ الأسلافِ من فهرِ

ما جئتكمْ بالأمرِ منْ خارجٍ … بلْ جئتكمْ بالأمرِ منْ بحرِ

تلتطمُ الأمواج فيه كما … تأتي بهِ الأنفاسُ في الذكرِ

فإنْ ذكرتم فاذكروه بما … تلاه في القرآنِ ذي الذكر

لا تذكروهُ بالذي تنظروا … فالفرعُ يُعطى قوّة َ النجر

ذكرته يوماً على غَفلة ٍ … بغيرِ ما قلبٍ منَ الأمرِ

فلم أجدْ عند مذاقِ الجنى … طعمَ الذي أعلم بالخبر

وجدته كالمنِّ في طعمه … والفارقُ الواضحِ بالسكرِ

بالصحو يأتي ذكره دائماً … والقبضُ والبردُ معَ الوفرِ

والذكرُ من عندي على ضدِّه … يأتيك بالسكر وبالحرِّ

فذكره ما بين أذكارنا … بين الليالي ليلة َ القدرِ

سبحانَ من صيَّرني عالماً … من بعد ما قد كنتُ كالغمر