يا أصدقَ الناس وأوفى مَن وَعد – حيدر بن سليمان الحلي
يا أصدقَ الناس وأوفى مَن وَعد … ما أنتَ من أعطى الجميلَ واسترد
أبِعد بها طارية ً بذكرها … يُخزى أخو المجدِ إذا النادي انعقد
وخطّة ً شنعاءَ لا يركبُها … إلاّ الذي في عود علياهُ أود
وسُبَّة َ تَثلِم مِن مجدِ الفتى … ثلمة َ نقص ضلَّ مَن قال: تُسَد
لم يرضَها إلاّ الوضيعُ همّة ً … أو مَن على أخلاقِه الذمُّ حشد
لا مَن سما لمّا سما لا مفرداً … بل هو والحمدُ على النجمِ صَعد
يا جامعاً بالمنعِ شملَ وفرِه … لا ترمِ شملَ المكرُماتِ بالبَدد
مجدٌ أبوكَ بالسماحِ شادَه … حاشاكَ أن تهدِمَ منه ما وَطد
ذاكَ الذي كانت سمات فخره … في جبهة ِ الدهرِ سناها يتّقد
يمدُّ كفًّا نشأت من رحمة ٍ … في الله تُعطي ولها منه المَدد
لو أنَّ فيها كان رملُ «عالج» … يُنفقُ ما أنفقَ منهُ لَنَفد
حتى مضى تلفُّه مطارفٌ … من الثنا، تَبقى على الدهرُ جُدد
فقمتَ أنت بعدَه مقامَه … فقيل: هذا الشبلُ من ذاك الأسد
لا مثلَ من مجدُ أبيه بعده … أضاعهُ، فقيل: بئس ما وَلَد
كنتَ لعمري ديمة ً، وإنما … ذاب زماناً عُرفُها ثم جمد
ولجة ً بالأمس عادت وَشَلاً … واردُها اليومَ تمنّى لا ورَد
كم قلتَ لستُ حالفاً مورّياً … بأنَّ هذا جُهدُ ما عندي وجد
ثمَّ شفعتَ الوعدَ في إيصاله … مُكرِّراً: لم لا عليَّ تَعتمد؟
ولم أخَل أنَّ السرابَ صادقٌ … حتى غدا وعدُك منه يَستمِد
نعم صَددتَ إذ بَخِلتَ مُوهِماً … فابخل أبا الهادي وسمِّ البخلَ صد
فيا فداءً لك مَن كان له … وجهٌ من الصخرِ وعرضٌ من سرد
تذكر كم فيك القوافي فاخَرت … من سجد الناسُ له حتى سَجد
فكيف تُقذي عينَها بجفوة ٍ … مِن أجلها طرفُ المعالي قد رَمد
إن يغرِك الحاسدُ فيها فلقد … أغراك في مجدِك من فرط الحسد
أبعدَ ما مدَّ الثنا طِرافَه … عليك حتّى قيل: بالحمد انفرد
عنك كما الحاسدُ فيك يشتهي … يصبحُ في كفيك منزوعَ العَمد
فقُل لمن يرغبُ عن كسبِ الثنا: … مَن فَقدَ المدحَ ترى ماذا وجد؟
أَهونِ بمنشورٍ دفينٍ ذكرُه … فذاك مفقودٌ وإن لم يُفتَقد
صابتكَ مِن بَوارقي مُرِشَّة ٌ … من عَتبٍ شُؤبُوبُها لا من بَرد
في عدة ٍ نومُك عن إنجازها … غيظاً له قامَ القريضُ وقَعد
ترقدُ عنها والقريضُ حالفٌ … بمجدكِ الشامخِ عنها ما رقَد
ما الخُلفُ في الوعدِ اكتساب شَرفٍ … وليس في منع الندى فخرُ الأبد
تلك اليدُ البيضاءُ بعد بسطها … عن السماحِ كفُّها كيف انعقد؟
وذلك الوجهُ الكريمُ ما لَهُ … مِن بعد ما ماءُ الحيا فيه أطرد
أسفرَ بين الناسِ لا يخجلُه … خلفُ المواعيدِ ولا منعُ الصفَد
فعُد كما كنت، وإلاّ انبعثَت … تترى إليك النافثاتُ في العقد
من اللواتي إن أصاب سهمهُا … عِرضَ لئيمٍ طُلَّ من غير قَود
وهي على عِرضِ الكريمِ نثرة ٌ … ما النثرة ُ الحصداءُ منها بأرَّد
تبدو فإمَّا هي في جيدِ الفتى … طوقٌ وإما هي حبلٌ من مَسد
فعِش كما تهوى العلى مُمَّدحاً … لا خيرَ في ميتِ العُلى حيِّ الجسد