و انك حبي الأبدي – صباح الحكيم

( 1 )

لَكَ أبسطُ أشرعة الأمل

وقد أثقلتها جراحات الغربة

و اشتدَ الحُزنُ يَعصرُ قلبي

وَ ضاقَ صَدري

فتهاوت شَمعَتي

وأنا أجثو في شرفةِ أشجاني

انتظرُ لَحظة اللقاء

ها قد جاءني الأمل مُشرقاً

على أكتافِ السماء

حامِلاً في راحتيه أشهى آمالي

بإطلالة نورك القادم من خلف أستار الدجى

بعد أمدٍ بعيد أجهد.. عين انتظاري

حبيبي..

أنت بهجتي

وَ حَديقة أزهاري

و شمس لَيالِي

و عطور أنفاسي

ما ألذُها من عطور

تداعب أغصاني

فتزول أسقامي

أغوصُ في عالم أحلامي الوردية حين أراك

و ضياؤك يتناثر من حولي

أهيم ولهاً لِناظريك

للحظةِ استنشاق عبيرك الفواح

المترامي من أطرافِ أكمامك

و أنت تدور أمامي

ألملم طيوبك اجمعها في قناني وَريدي

احفظها في مسامي

لأعطر بها مهجتي

فتذهب أحزاني

و يولد قلبي على راحتيك

و تنتشي نبضاتي

يتراقص على أوتارها قلبي الراكض لِرؤاك

فأسمِعُكَ دقات قلبي المتعطش

تسمعها

وهي تناديك

تطرب باسمك

تقول لك

يا مَن سكنت خاطري

يا مَن حلقت في عالمي من حيث لا أدري

يا مَن سكنت كياني

هل عرفت الآن انكَ أحلى أُمنياتي

و انك حبي الأبدي ؟

( 2 )

عندما التقينا ذات مساء

تاهت الدروب

و تبعثرت الأوراق

نبتت على أغصاني

وردة من رحيق ذلك المسك

حين لامس عطره الفواح

على بيداء ارضي

فأثمرت

وحين نامت الزهور

ما تبقى غير أنفاس العطور

تهطل فوق رمال العمر الحزين

فازدهرت أوراقي

في ربيع دائم الخضار

و قبل زوال الفصول

و قبل أن تجرفها أمواج البحر العاتية

شهقت بك أنفاسي

تعزف على أوتار الوصول

فتحطمتُ فوق ربوع أحلامي الشاردة

ابحث غيث رؤاك

ترى هل سألقاك

هل سيولد النور يوما

فوق أجنحة عذاباتي؟

يا لعين انتظاري

ما زال يقبع فوق رصيف الأمل

ينتظر لقاء حياة العمر .

( 3 )

كل ما حل المساء

أجدني كأغنية يتمية

أذوي على ليل أنفاسي

في خاطرٍ حزين

تثمل به شجوني حتى الجنون

و ساعات الشوق

تسكب الحنين في أقداحي

اشربه لظىً

واتوه فيه عشقا

ادفن كفتاتٍ في راحتيه

و عواطفي تصخب

والرياح تحملني

فأكتب والليل يشهدني

قصيدة حبٍ سرمدي

تتلقفها أنفاسي

فيولد في حناياه عشبي

ترى هل تسمعني يا ليلي الحزين ؟

( 4 )

الرياح عارمة في صدري

تهزني و تسافر بي الى مراسيك

تهمسني فتمزق جدار صمتي

حينها

أجدني احلق كاليمامة حواليك

و حنيني مندفع لعينيك

وأنت في القلب منقوش

كربيع دائم

فأبقى يا ربيع العمر

كوردة عاشق جذل

لتروي أروقتي

و نورا يتجلى في سمائي

فأبقى في حناياي و ترنيمي

و قطر كالندى كي تروي أحزاني

فأنت روح بستاني

وغيث يروي أشجاني

وعشق الروح لوجداني

بك تر تاء أغصاني .

( 5 )

الآن قد حلت مراكبي

وما زالت تحمل وعثاء السفر

ما هدأت وطأتها

جلبتها الرياح العاصفة

اللهاثة لمراسيك

و تبعثرت خطاها وتعثرت بالأشواق

أواه من تلكم الأشواق

الرابطة حول الجيد والوتر

وكم شكاني و بكى منه الفؤاد

و الروح تنوء جوعا لناظريك

وفي عيون المساء أرى إشراق وجهك

المطل من شواطئٍ غربتي

نورا يتوسد في حناياي

و يصيرني لحنا شجيا في قيثارة ترنيمي

ينصب شوقا في بحر جنوني

أرى وجهك الباسم

يشق دجى وحشتي

و تفتق الكآبة مني في الأثر

فأمضي مشرقة للقاءك الآتي

يا رحيق حياتي

و شمسا تورد في سماواتي

بك تحلو سويعاتي

يا إصباحي

لك حبي

لك قلبي

و أنقى من نسيم الصبح

أهديك تحياتي .

( 6 )

مواطن الأشواق

يعذبني وا ستذوقه

فأدنو ألتمس ظِلاً

يهاود في حنايا الروح

مكمن شهقتي الأولى

و أنسى أنني أضحيت

في كُلِ الأحايينِ

في كُلِ الدواوين

و في كل البساتين

أناجيه .. يناديني

أغنيني ….أناغيني

أغنيهِ…. يغنيني

و كل مواطن الأشواق و الأشجان

تهجوني ..و تؤذيني

و تكتبني كقصة عاشق ثمل

وتكتب في شراييني

فأهوى يا حبيب العمر

و يهوى فيك تكويني

فأبقى يا غدير الروح

مغموساً بأحزاني و تنغيمي

و أبقى حتى تسقيني

فأغصاني بك عطشى

و أزهاري بك جذلا

فأبقى فيّ مسكونا لتحيني

و يبقى الوجد نشواناً

و يبقى الحب تلحيني .