وِصَالُكَ لِي هَجْرٌ، وَهَجْرُكَ لِي وَصْلُ – محمود سامي البارودي

وِصَالُكَ لِي هَجْرٌ، وَهَجْرُكَ لِي وَصْلُ … فزدني صدوداً ما استطعتَ ، وَ لاَ تألُ

إذا كان قربي منكَ بعداً عن المنى … فَلاَ حُمَّتِ اللُّقْيَا، وَلاَ اجْتَمَعَ الشَّمْلُ

وَ كيفَ أودُّ القربَ منْ متلونٍ … كَثِيرِ خَبَايَا الصَّدْرِ، شِيمَتُهُ الْخَتْلُ

فليتَ الذي بيني وَ بينكَ ينتهى … إلى حيثُ لا طلحٌ يرفُّ وَ لاَ أثلُ

خَبُثْتَ، فَلَوْ طُهِّرْتَ بِالْمَاءِ لاَكْتَسَى … بكَ الماءُ خبثاً لا يحلُّ بهِ الغسلُ

فَوَجْهُكَ مَنْحُوسٌ، وَكَعْبُكَ سَافِلٌ … وَقَلْبُكَ مَدْغُولٌ، وَعَقْلُكَ مُخْتَلُّ

بكَ اسودتِ الأيامُ بعدَ ضيائها … وَأَصْبَحَ نَادِي الْفَضْلِ لَيْسَ بِهِ أَهْلُ

فلوْ لمْ تكنْ في الدهرِ ما انقضَّ حادثٌ … بِقَوْمٍ، وَلاَ زَلَّتْ بِذِي أَمَلٍ نَعْلُ

فَمَا نَكْبَة ٌ إِلاَّ وَأَنْتَ رَسُولُهَا … وَ لاَ خيبة ٌ إلاَّ وَ أنتَ لها أصلُ

أَذُمُّ زَمَاناً أَنْتَ فيهِ، وَبَلْدَة ً … طلعتَ عليها ؛ إنهُ زمنٌ وَغلُ

ذمامكَ مخفورٌ ، وَ عهدكَ ضائعٌ … وَرَأَيُكَ مَأْفُونٌ، وَعَقْلُكَ مُخْتَلُّ

مَخَازٍ لَوَ انَّ النَّجْمَ حُمِّلَ بَعْضَهَا … لَعَاجَلَهُ مِنْ دُونِ إِشْرَاقِهِ أَفْل

فسرْ غيرَ مأسوفٍ عليكَ ، فإنما … قُصَارَى ذَمِيمِ الْعَهْدِ أَنَّ يُقْطَعَ الْحَبْلُ