وَمَسْرَحٍ لِسِوَامِ الْعَيْنِ لَيْسَ لَهُ – محمود سامي البارودي
وَمَسْرَحٍ لِسِوَامِ الْعَيْنِ لَيْسَ لَهُ … في عالمِ الظنَّ تقديرٌ ، وَ لاَ شبهُ
بَاكَرْتُهُ سُحْرَة ً وَالشَّمْسُ نَاعِسَة ٌ … فِي خِدْرِهَا، وَحَمَامُ الأيْكِ مُنْتَبِهُ
وَلِلْغَمَائِمِ بَيْنَ الأَفْقِ مُنْسَحَبٌ … وَلِلنَّسَائِمِ نَحْوَ الرَّوْضِ مُتَّجَهُ
وَالْجَوُّ فِي حُلَّة ٍ دَكْنَاءَ مَازَجَهَا … خَيْطٌ مِنَ الْفَجْرِ يَبْدُو ثُمَّ يَشْتَبِهُ
فالنورُ منقبضٌ ، وَ الظلُّ منبسطٌ … وَالطَّيْرُ مُنْشَرِحٌ، وَالْجَوُّ مُدَّلِهُ
مناظرٌ لوْ رأى ” بهزادُ ” صورتها … لاَعْتَادَهُ مِنْ تَمَادِي الْحَيْرَة ِ الْبَلَهُ
كأنما الدوحُ قصرٌ وَ الحمامُ بهِ … سِرْبٌ مِنَ الْغِيدِ بِالأَلْحَانِ تَبْتَدِهُ
طوراً تغنى ، وَ أحياناً تنوحُ ، فما … ذاكَ الغناءُ ، وَ هذا النوحُ وَ الولهُ ؟
كأنما الأورقُ الغريدُ حينَ شدا … في سُرْبَة ِ الإِنْسِ مِنْهَا ـ شَارِبٌ فَكِهُ
شَارَفْتُ سَاحَتَهَا فِي فِتْيَة ٍ أَلِفُوا … صِدْقَ الْوِدَادَ، فَلَمْ تَعْرِضْ لَهُمْ شُبَهُ
مُوقَّرُونَ، كِرَامٌ لاَ يَخِفُّ بِهِمْ … طيشٌ ، وَ لمْ يجرِ في أخلاقهمْ سفهُ
مِنْ كُلِّ مَاضِي الشَّبَا وَالرَّوْعُ مُحْتَدِمٌ … وَ مستنيرِ الحجا وَ الأمرُ مشتبهُ
إنْ حدثوا ملئوا الأسماعَ منْ أدبٍ … هُمْ أَهْلُهُ وإِذَا مَا أَنْصَتُوا فَقِهُوا
شرابنا صفوُ ماءٍ ، لاَ يمازجهُ … إِلاَّ حَدِيثٌ كَنُوَّارِ الرُّبَا نَزِهُ
فَإِنْ يَكُنْ فِي عَفَافِ النَّفْسِ مَحْمَدَة ٌ … لَهَا، فَفِي مِثْلِ هَذَا يَحسُنُ الشَّرَهُ