وَما سَرى في مَقاصيرِ اللَظى خبرُ – الياس أبو شبكة

وَما سَرى في مَقاصيرِ اللَظى خبرُ … حارَ اللَهيبُ بِهِ وَاِستَسأَلَت سقرُ

إِنَّ الوَرى أَطلَقوا ريحاً إِلى سَقرٍ … تقود لِلنّارِ قَوماً دانَه البشرُ

حَتّى أَطَلَّت مِن الأَشباحِ طائِفَة … في هودجٍ يَتَنَزّى تَحتَهُ الشررُ

بُلهُ العُيونِ ضخام كُلَّما وَغَلوا … في مَسرَبِ مِن دياميس اللَظى صَغِروا

تَجُرُّهُم بومَة حَمراء في يَدِها … فَأس عَلى جانِبيها صُوَّر الدعرُ

فَثارَ ثائِرُ أَهل النارِ كُلُّهُم … وَجُيِّشَت زُمرٌ في إِثرِها زُمرُ

تَدَفَّقَت مِن سَراديبِ الجَحيمِ إِلى … إيوانِ إِبليسَ حَيثُ الجِنِّ قَد سَكروا

وَكانَ في مَوكِب الأَشباحِ ذو بَطر … يَفحُّ في شَفَتَيهِ حَيَّةٌ ذكرُ

عَلَيهِ قيثارَة ثَكلى مخلَّعَة … وَصولَجان مِن الأَحلامِ مُنكَسِرُ

يَلقي عَلى غرفِ النيرانِ أَخيلَة … من ثَوبِهِ الأَحمَر القاني فَتَستَعِرُ

فَما أَصاخَ إِلى الأَنغامِ يَعزِفُها … رَهط مِن الجِنِّ حَتّى مَسَّهُ خَدرُ

وَصاحَ ما هذِهِ الرُؤيا وَأَين أَنا … فَقالَ إِبليسُ مَهلاً هذِهِ سقرُ

حَملتَ قيثارَة في الأَرضِ كاذِبَة … مِن الحَقيقَة لَم يَنبِض بِها وَترُ

وَريشَة مِن جَناح البومِ ما رَسَمَت … إِلّا خَفافيشَ بِالديباجِ تستَترُ

فَأَنتَ لي وَجَحيمي لي أَوزِّعُه … عَلى الأُلى أَنشَدوا شِعراً وَما شَعروا

وَكانَ في مَوكِب الأَشباحِ ذو صَلفٍ … في كَفهِ سلع في عَينِه قَذرُ

يَجُرُّ ذَيلَ قَوانينَ مشوهَة … مِن الفَضيلَة لَم يَعلق بِها أَثرُ

فَقالَ إِبليسُ أَطرق إِن مَن سَفلت … يَداهُ في الأَرضِ لا يَعلو لَهُ بَصرُ

فَأَنتَ لي وَجَحيمي لي أَوزِّعُه … عَلى الأُلى أَقسَموا لِلشَّعبِ وَاِبتَهَروا

وَكانَ في مَوكِب الأَشباحِ ذو خَطَل … يرغي وَيزبد لا يَبقي وَلا يَذرُ

في مُقلَتَيهِ بَراكينُ مرمَّدَة … وَفي الجَبين خَيال اللَهِ يَندحرُ

فَقالَ إِبليسُ أَقصِر لَم تَكُن غَضِباً … في مَنطِق الرُسل الآياتِ وَالسُوَرُ

فَأَنتَ لي وَجَحيمي لي أَوزِّعُه … عَلى الأُلى ما جَزوا إِلا لِيثّئروا

وَكانَت الخَمر تَرغي في مَقاصِفها … وَالجِنُّ تَعزِف وَالنيرانُ تَنفَجِرُ

إِذا بِصَوت مِن الأَرضِ الَّتي صَفحت … يَقول لِلنّار أَهل الأَرضِ قَد غَفَروا