وَساحِرَةِ العَينَينِ ما تُحسِنُ السِحرا – صريع الغواني

وَساحِرَةِ العَينَينِ ما تُحسِنُ السِحرا … تُواصِلُني سِرّاً وَتَقطَعُني جَهرا

أَبَت حَدَقُ الواشينَ أَن يَصفُوَ الهَوى … لَنا فَتَعاطَينا التَعَزِّيَ وَالصَبرا

وَكُنّا أَليفَي لَذَّةٍ شَملَ صَفوَةٍ … حَليفَي صَفاءٍ مانَخافُ لَهُ غَدرا

فَعُدنا كَغُصنَي أَيكَةٍ كُلَّما جَرَت … لَها الريحُ أَلقَت مِنهُما الوَرَقَ الخُضرا

وَزائِرَةٍ رُعتُ الكَرى بِلِقائِها … وَعادَيتُ فيها كَوكَبَ الصُبحِ وَالفَجرا

أَتَتني عَلى خَوفِ العُيونِ كَأَنَّها … خَذولٌ تُراعي النَبتَ مُشعَرَةً ذُعرا

إِذا ما مَشَت خافَت تَميمَةَ حَليها … تُداري عَلى المَشي الخَلاخيلَ وَالعِطرا

فَبِتُّ أُسِرُّ البَدرَ طَوراً حَديثَها … وَطَوراً أُناجي البَدرَ أَحسِبُها البَدرا

إِلى أَن رَأَيتُ اللَيلَ مُنكَشِفَ الدُجى … يُوَدِّعُ في ظَلمائِهِ الأَنجُمَ الزُهرا

خُذاها فَأَمّا أَنتَ فَاِشرَب وَهاتِها … لِأَسقيَها هَذا مُعَتَّقَةً بِكرا

وَهاتِ اِسقِني مِن طَرفِها خَمرَ طَرفِها … فَإِنّي اِمرُؤٌ آلَيتُ لا أَشرَبُ الخَمرا

أَرودُ بِعَيني مَنظَرَ اللَهوِ وَالصِبا … وَأَهوى ظِباءَ الإِنسِ وَالبَقَرِ العُفرا

وَبِنتَ مَجوسيٍّ أَبوها حَليلُها … إِذا نُسِبَت لَم تَعدُ نِسبَتُها النَهرا

تَجيشُ فَتُعدي جَوهَرَ الحَلي خِدرَها … وَتُغضي فَتُعدي نَكهَةَ العَنبَرِ الخِدرا

أَخَصُّ النَدامى عِندَها وَأَحَبُّهُم … إِلَيها الَّذي لا يَعرِفُ الظُهرَ وَالعَصرا

بَعَثتُ لَها خُطّابَها فَأَتوا بِها … وَسُقتُ لَها عَنهُم إِلى رَبِّها المَهرا

وَما زالَ خَوفاً مِنهُمُ في جُحودِها … يُقَرِّبُهُم فِتراً وَيُبعِدُهُم شِبرا

إِلى أَن تَلاقَوها بِخاتَمِ رَبِّها … مُخَدَّرَةً قَد عُتِقَت حِجَجاً عَشرا

إِذا مَسَّها الساقي أَعارَت بَنانَهُ … جَلابيبَ كَالجادِيِّ مِن لَونِها صُفرا

أَناخَ عَلَيها أَغبَرُ اللَونِ أَجوَفٌ … فَصارَت لَهُ قَلباً وَصارَ لَها صَدرا

قُلوبُ النَدامى في يَدَيها رَهينَةٌ … يَصيدونَها قَهراً وَتَقتُلُهُم مَكرا

أَبَت أَن يَنالَ الدُنُّ مَسَّ أَديمِها … فَحاكَ لَها الإِزبادُ مِن دونِها سِترا

إِذا ما تَحَسّاها الحَليمُ أَخو النُهى … أَسَرَّ بِها كِبراً وَأَبدى بِها كِبرا

وَدارَ بِها ظَبيٌ مِنَ الإِنسِ ناعِمٌ … تَرودُ عُيونُ الشَربِ جانِبَهُ شَزرا

فَحَثَّ مِطِيَّ الراحِ حَتّى كَأَنَّما … قَفا أَثَرَ العَنقاءِ أَو سايَرَ الخِضرا

إِذا ما أَدارَ الكَأسَ ثَنّى بِطَرفِهِ … فَعاطاهُمُ خَمراً وَعاطاهُمُ سِحرا

إِلى أَن دَعا لِلسُكرِ داعٍ فَمُوِّتوا … وَكانَ مُديرُ الكَأسِ أَحسَنَهُم سُكرا

أَدارَ عَلى الراحِ البَياتَ فَصَيَّرَت … وِساداً لَهُ مِنهُ التَرائِبَ وَالنَحرا

ظَلِلنا نَشوفُ الجِلدَ بِالجِلدِ لا نَرى … لَهُ وَلَها في طيبِ مَجلِسِنا قَدرا

سَلَكنا سَبيلاً لِلصِبا أَجنَبِيَّةً … ضَمِنّا لَها أَن نَعصِيَ اللَومَ وَالزَجرا

بِرَكبٍ خِفافٍ مِن زُجاجٍ كَأَنَّها … ثُدِيُّ عَذارى لَم تَخَف مِن يَدٍ كَسرا

عَلَينا مِنَ التَوقيرِ وَالحِلمِ عارِضٌ … إِذا نَحنُ شِئنا أَمطَرَ العَزفَ وَالزَمرا