وَاطُولَ شَوْقِي إِلَيْكَ يَا وَطَنُ – محمود سامي البارودي

وَاطُولَ شَوْقِي إِلَيْكَ يَا وَطَنُ … وَإِنْ عَرَتْنِي بِحُبِّكَ الْمِحَنُ

أَنْتَ الْمُنَى وَالْحَدِيثُ إِنْ أَقْبَلَ الصْـ … ـصُبْحُ، وَهَمِّي إِنْ رَنَّقَ الْوَسَنُ

فَكَيْفَ أَنْسَاكَ بِالْمَغِيبِ وَلِي … فِيكَ فُؤَادٌ بِالْحُبِّ مُرْتَهَنُ؟

لَسْتُ أُبَالِي وَقَدْ سَلِمْتَ عَلَى الدْ … دَهْرِ إِذَا مَا أَصَابَنِي الْحَزَنُ

ليتَ بريدَ الحمامِ يخبرني … عنْ أهلِ ودى ؛ فلي بهمْ شجنُ

أَهُمْ عَلَى الْوُدِّ، أَمْ أَطَافَ بِهِمْ … واشٍ أراهمُ خلافَ ما يقنوا ؟

فإنْ نسوني فذكرتي لهمُ … وَكَيْفَ يَنْسَى حَيَاتَهُ الْبَدَنُ؟

بَيْنَ أُنَاسٍ إِذَا وَزَنْتَهُمُ … بِالذَّرِّ عِنْدَ الْبَلاَءِ مَا وَزَنُوا

لا في موداتهمْ إذا صدقوا … ربحٌ ، وَ لاَ في فراقهمْ غبنُ

منْ كلَّ فظًّ يلوكُ في فمهِ … مضغة َ سوءٍ مزاجها عفنُ

يَنْضَحُ شِدْقَاهُ بِالرُّؤَالِ كَمَا … علَّ بنضحِ العتيرة ِ الوثنُ

شُعْثٌ، عُرَاة ٌ، كَأَنَّهُمْ خَرَجُوا … منْ نفقِ الأرضِ بعدَ ما دفنوا

لا يحسنونَ المقالَ إنْ نطقوا … جهلاً ، ولا يفقهونَ إنْ أذنوا

أَرَى بِهِمْ وَحْشَة ً إِذَا حَضَرُوا … وَ طيبَ أنسٍ إذا همُ ظعنوا

وَكَيْفَ لِي بِالْمُقَامِ فِي بَلَدٍ … ما لي بها صاحبٌ ، وَ لاَ سكنُ

كلُّ خليلٍ لخلهِ وزرٌ … وَ كلُّ دارٍ لأهلها أمنُ

فهلْ إلى عودة ٍ ألمُّ بها … شملى ، وألقى ” محمداً ” سننُ ؟

ذاكَ الصديقُ الذي وثقتُ بهِ … فَهْوَ بِشُكْرِي وَمِدْحَتِي قَمِنُ

عَاشَرْتُهُ حِقْبَة ً، فَأَنْجَدَنِي … منهُ الحجا ، وَ البيانُ ، وَ اللسنُ

وَهْوَ إِلَى الْيَوْمِ بَعْدَ مَا عَلِقَتْ … بِيَ الرَّزَايَا مُخَيِّلٌ هُتُنُ

ينصرني حيثُ لا يكادُ حمٌ … يمنحني ودهُ ، وَ لاَ ختنُ

قدْ كانَ ظني يسيءُ بالناسِ لوْ … لاهُ ، وفردٌ يحيا به الزمنُ

فَهْوَ لَدَى الْمُعْضِلاَتِ مُسْتَنَدٌ … وَ عندَ فقدِ الرجاءِ مؤتمنُ

نَمَّتْ عَلَى فَضْلِهِ شَمَائِلُهُ … وَنَفْحَة ُ الْوَرْدِ سِرُّهَا عَلَنُ

لوْ كانَ يعلو السماءَ ذو شرفٍ … لَكَانَ بِالنَّيِّرَاتِ يَقْتَرِنُ

فليحى حراً ممتعاً بجميــ … ـلِ الذِّكْرِ فَالذِّكْرُ مَفْخَرٌ حَسَنُ

كلمات: سعود بن عبدالله

ألحان: طلال مداح

1989