وليلة ٍ فيها قَصُرْ – كشاجم

وليلة ٍ فيها قَصُرْ … عشاؤُهَا معَ السَحَرْ

صَافِيَة ٍ من الكَدَرْ … تُقْضَى ولَمْ يُقْضَ الوَطَرْ

وَحْياً كَلَمْحٍ بالبَصَرْ … أَو خطرَة ٍ من الخَطَرْ

في مثلِها التذَّ السَهَرْ … واستوطَنَ الجنبَ الأبَرْ

تمحو إِساءَاتِ القَدَرْ … وتتركُ الدَّهْرَ أَغَرّْ

لهوتُ فيها مستَتِرْ … من طارقٍ عَلَى خَذَرْ

حيرانَ من فرطِ الذعرْ … إلاَّ الدَلالَ والخَفَرْ

ونفحة ُ النَّشْرِ العطرْ … أنستُهُ حينَ استقَرْ

هنّيتُهُ ثمَّ سَفَرْ … عنْ دَعَجٍ وعن حَوَرْ

وعارضٍ مثلِ القَمَرْ … يلوحُ في ليلِ الشّعَرْ

لا يَسْتَفِي منهُ النَّظَرْ … لوْ صوّبُوه لَقَطَرْ

وَمَبْسَمٍ عَذْبِ الأَثَرْ … فيهِ مَعَ الطيبِ خَصَرْ

أذيبَ من خَمْرٍ ودرّْ … يا مرحباً حينَ حَضَرْ

فارتاحَ مُشْتَاقٌ وَسُرّْ … سرورَ أَرضٍ بِمَطَرْ

أو عينِ أعمَى بنَظَرْ … أنكرتَ شيئاً فاعتَذَرْ

ثمَّ اعتذَرْتَ فَشَكَرْ … ثمَّ نَشَجتَ فزَفَرْ

ثَمَّ لَثَمْتَ فَنَفَرْ … نَفْرَ الظّباءِ إنْ نَهَرْ

ثمَّ تَجَاذبنا الأزُرْ … فَلا تَسَل عَنِ الخَبَرْ

ثم َّتأنَّى فنفَرْ … يا قُرْبَ ورد مَنْ عذَرْ

ما إِنْ دَنَا حتَّى سَطَرْ … ولا وَفَى حتى غَدَرْ

وَلِي إذا الهمُّ عَصَرْ … وَجَاشَ بَحْرٌ وزَخَرْ

عزمٌ على الهوى مُمِرّْ … وهمّة ٌ ذاتُ كِبَرْ

مع السّماكِ والمَجَرْ … بمثِلهَا أمري مُمَرْ

وسابحٍ نَهْدٍ طِمِرِ … لو سَابقَ الريحَ ظَهَرْ

أَو سَاجَل البرقَ فَخَرْ … أَو كاثَرَ البَحْرَ كَثُرْ

أَو بَادَرَ السيلَ بَدَرْ … أَو هَمَّ باللَّيلِ اعتَكَرْ

لولا الحُجُولُ والغُرَرْ … ومطلقُ الحدّ ذَكَرْ

عَضْبٌ بِمَتنيهِ أَثَرْ … مَدَّ الفِرِنْدَ وَزَجَرْ

فيهِ كما مدَّ النَّهَرْ … كَمَا التَقَى نَمْلٌ وَذَرّْ

وكاسياتٌ تنتَظِرْ … شتَّى الشّيَاتِ كالحبَرْ

هِيمَ إلى الصَّيدِ ضَمَرْ … مِنْ كُلِّ مِغْوَارٍ أَشَرّْ

يصمّ مأمولَ الظَّفَرْ … غارَ على الوحشِ مَكَرْ

يُعيرُها ولا يُغَرّْ … خَلاَ فإِنْ رَاعَتْ كَشَرْ

مسجّياً لِمَا هَصَرْ … أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرْ

مِنْ غير أن يَدمى الثغَرْ … منهُ بنانٌ أَو ظُفُرْ

والصّبحُ لّما ينفَجِرْ … والبرَكاتُ في البُكَرْ

في زمرة ٍ خيرٍ زُمَرْ … مِنْ نفرٍ أَيِّ نَفَرْ

من آل ساسانَ صُبُرْ … على تصاريفِ الغِيَرْ

قد جَلَبُوا الدَّهْرَ دُرَرْ … وجرَّبوا حُلْواً وَمُرّْ

موافقينَ في الحَضَرْ … مساعِدينَ في السَّفَرْ

ألهاهُمُ عن الوَتَرْ … وشدوِ غزلانِ السّتَرْ

نحوٌ وشِعرٌ وخَبَرْ … وَمُسْنَدٌ من الأَثَرْ

ويومُ فَخْرٍ يُدّكَرْ … فأَنْتَ منهُمْ في غَمَرْ

يُحْيي ويُغْذِي بالفِكَرْ … وَمُلَحٍ من الفِقَرْ

يطيرُ منهنّ الشّرَرْ … يا لكَ من قولٍ خَطَرْ

كالعِقْدِ حُلَّ فانتَشَرْ … عروضُ قولٍ مُشْتَهَرْ

سَارٍ لأَدْنَى من شعَرْ : … «وبلدة ٍ فيها زَوَرْ»