وقال أيضاً:يدل الجزؤ من مضمون كوني – محيي الدين بن عربي

وقـال أيضـاً:يدل الجزؤ من مضمون كوني … على ما دلَّ كلّي من وجودهْ

فيشهدني وأشهده بنفسي … فأفنى عن وجودي من شهودهْ

ولولا أن يقال صبا لأمر … لقلتُ صدورنا منْ عينِ جودهْ

يراهُ العارفُ الخريتُ ليلاً … بأجواز المفازة ِ عين بيذه

يراه النائمُ اليقظانُ كشفاً … كرؤية ذي التهجد في هجوده

يراه الحائرونَ بلا دليلٍ … كرؤية ذي المقاصد في قصوده

يراهُ ناظمُ المرجانِ فيهِ … من أسماءٍ لهُ سلكاً بجيدهْ

يراهُ ناظمُ الألفاظِ بيتاً … هوَ الروحُ المؤيدُ في قصيدهْ

يراه ناظم الأحجار عقدا … وذاك العقد من اسنى عقوده

قرأت بعقده أجيادَ دهرٍ … بهِ أخذَ الشهادة َ في عقودِهْ

له التسبيحُ والفرقان فيه … يميزه ركوعك مع سجودِه

وحاذرْ أنْ تمازجَ بين ربٍّ … وبين من اصطفاهم من عبيده

يراهُ مطلقاً من كانَ أعمى … كرؤية ذي البصيرة في قيوده

فذاك الفيلسوف بغير حدٍّ … وهذا الأشعريُّ على حدودِهْ

وكلهمُ رهينُ الحبسِ فيهِ … بجعلِ العقلِ ذلك من صيوده

على الإنصافِ آمنهُمْ شخيصٌ … طليقٌ ليسَ يرسفُ في قيودِهْ

وهمْ أجنادُه وظهورُ ملكٍ … مطاعٍ إنَّما هوَ منْ جنودِهْ

بذا سعدوا وحازوا الأمنَ منهُ … وإنْ تعبوا المآلُ إلى سعودِهْ

لذا سبقتْ إلى الغايات رحمتيّ … وحازتْها بمنزلتي سعودِهْ

فحلتِ في الجنانِ وفي جحيمٍ … وإن كانا لنا داري خلوده

فاخبئه ليستر في جحيمٍ … من الآلام أنسى من جحوده

فلوْ لزموا الحقائقَ لمْ يكونوا … كمنكرٍ ما رآه لذي ورودِهْ

تجلّى للبصائر من بعيد … تجليه كمن هو في وريده

وأطلعه على ما كان منه … من الشكر العميم على مزيده

تراه عند وصل العين منه … بذاكَ مثلَ فصلكَ في شرودِهْ

فلا تطلب منَ الرحمنِ عهداً … فيسألكَ المهيمنُ عن عهودِهْ

وسالمهُ تكنْ عبداً سؤوماً … وتظفرْ بالزيادة ِ في شهودِهْ