وفاء كهذا العهد فليكن العهد – خليل مطران

وفاء كهذا العهد فليكن العهد … وعدلاً كهذا العقد فليكن العقد

قرانكما ما ساءه لكما الهوى … وبيتكما ما شاده لكما السعد

هناءً وطيباً فالمنى مارضيتما … ودهركما صفوٌ وعيشكما رغد

وما جمع اللَه النظيرين مرةً … كجمعكما والند أولى به الند

تضاهيتما قدراً وحسناً وشيمةً … كما يتضاهى في تقابله الورد

أعز أعزاء الحمى أبواكما … وأسطع جدٍّ في العلى لكما جد

كفى بحبيبٍ في أساطين عصره … هماماً على الأقران قدمه الجد

إذا ما بدا دلت جلالة شخصه … على أنه في قوم العلم الفرد

قضى في جهاد الدهر أطول حقبةٍ … فما خانه فيها الذكاء ولا الجهد

وما زاده زيغ السنين بلحظة … سوى نظر في حالك الأمر يستد

له البيت غايات المعالي حدوده … ولكن بلطف اللَه ليس له حد

مشيد على التقوى منيع على العدى … قريب إلى العافين عذب به الورد

متين على الأركان وهي ثلاثة … بأمثالها تحيي أبوتها الولد

ذكرت شباباً لو سردت صفاتهم … وآياتهم في الفضل لم يحصها السرد

أولئك هم يوم الفخار شهودنا … على أننا أكفاء ما يبتغي المجد

وأنا إذا استكفت بلاد حماتها … ففينا الحكيم الضرب والأسد الورد

ومن لك في الفتيان بالفاضل الذي … له نبل ميخائيل والحلم والرفد

كبير المنى جم الفضائل جامع … إلى الأدب السلسال طبعاً هو الشهد

يصغر للعافي من الناس نفسه … ويكبرها عن أن يلم بها الحقد

ومن كحبيب عادل الخلق صادقٌ … له فعل ما يرجى وليس له وعد

أخو ترفٍ قد تعرف الخيل بأسه … ويحفظ من آثاره الطود والوهد

ومن مثل جرح طاهر النفس والهوى … ومن مثله حر ومن مثله نجد

وثوب إلى كشف الظلامات ساكن … إلى بأسه في حين لا تأمن الأسد

تخير في الأنساب أصدقها على … وأبعدها مرمىً فتم له القصد

وأي نسيبٍ بالغٌ بمقامه … مقام نجيب في الكرام إذا عدوا

إذا فاق سادات الحمى آل سرسق … فإن نجيباً فيهم السيد الجعد

سري يرى الإقدام في كل خطةٍ … وخطته في كل حالٍ هي القصد

تراه بلا ظلٍّ نحولاً وجاهه … عريض له ظل على الشرق ممتد

محبوه في نعمى وقرة أعيونٍ … وحساده مما بأنفسهم رمد

وما الناس إلا عاثر جنب ناهضٍ … وما الأرض إلا الغور جاوره النجد

ألا أيها الشهم النبيل الذي له … على صغر في سنه المنصب النهد

لو أنك لم تمنع لوافي مهنئاً … بعرسك وفدٌ حافلٌ تلوه وفد

فإن مكاناً في القلوب حللته … ليزهى على ملكٍ تؤيده جند

فذاك أناسٌ قل في الخير شأنه … فلا قربهم قرب ولا بعدهم بعد

يرومون أن يثنى عليهم بوفرهم … وأفضله عنهم إلا البر لا يعدو

إذا رخص الغالي من السلعة اشتروا … ولا يشترون الحر إن رخص العبد

أعذت برب العرش من عين حاسدٍ … طلاقة ذاك النور في الوجه إذ تبدو

ورة ذاك اللفظ في كل موقفٍ … يصان به عرض ويقني به ود

وبسطه كف منك في موضع الندى … يعاد بها غمضٌ وينفى بها سهد

شكا الدهر ما تأسو جراح كرامه … وأنكر منك الرفق جانبه الصلد

فمهما تصب خيراً فقد جدرت به … فضائل لم يضمم على مثلها برد

حظيت بملء العين حسناً وروعةً … عروس كبعض الحور جاد بها الخلد

يود بهاء الصبح لو أنه لها … محياً وغر الزهر لو أنها عقد

فإن خطرت في الرائعات من الحلى … تمنت حلاها الروض والأغصن الملد

كفاها تجاريب الحداثة رشدها … وقد جاز ريعان الصبي قبلها الرشد

ولو لم يكن قهراً لها غير عقلها … لكان الغنى لا المال يقنى ولا النقد

غنىً لا يحل الزهد فيه لفاضلٍ … حصيفٍ إذا في غيره حسن الزهد

ليهنئكم هذا القران فإنه … سرورٌ بما نلقى وبشرى بما بعد

ففي يومه رقت وراقت سماؤه … لمن يجتلي وانزاحت السحب الربد

وفي غده سلم تقربه النهى … وحلمٌ تصافى عنده الأنفس اللد

هناك تجد الأرض حلى رياضها … ويثني إلى أوقاته البرق والرعد

فلا حشد إلا ما تلاقى أحبةٌ … ولا شجو إلا ما شجا طائر يشدو