وحي النيروز – بدر شاكر السياب

طيف تحدى به البارود و النار … ما حاك طاغ و ما استبناه جبار

ذكرى من الثورة الحمراء و شحها … بالنور و القانيء المسفوك آذار

مرت على القمة البيضاء صاهرة … عنها الجليد فملء السفح أنهار

في كل نهر ترى ظلا تحف به … أشباح ( كاوا ) و يزهو حوله الفار

يا شعب ( كاوا ) سل الحداد كيف هوى … صرح على الساعد المفتول ينهار

و كيف أهوت على الطاغي يد نفضت … عنها الغبار و كيف انقض ثوار

و الجاعل ( الكير ) يوم الهول مشعلة … تنصب منه على الآفاق أنوار

قف عند ( شيرين ) واهتف ربما نطقت … وحدثتك بما تشتاق أحجار

و ربما ارتجت الأصداء و انفجرت … قيثارة في يد الراعي و مزمار

و الفارس الثائر المغوار هل بقيت … من خيله الصافنات البلق آثار

تكاد تسمع في الآفاق صيحة … كأنها في سماء الحق إعصار

مرت على الظلم فاهتزت دعائمه … و جلجلت فهي للباغين انذار

و ساء مستعمرا أن يستفيق على … أصدائها جائع في الحقل منهار

و أن يهب إلى الأغلال يحطمها … شعب و تنشق عن عينه أستار

كم أيتم البغي من طفل و سار على … بيت هوى جحفل للبغي جرار

و استؤسر الجائع العريان و اغتصبت … عذراؤه و استبيح الحقل و الدار

و شردت في صحارى الثلج أفئدة … من فوقها أعظم تدمى و أطمار

و كشر السجن عن بابيه و ارتفعت … حمر المشانق يغذوهن جزار

كيعرب مظلوم يمد يدا … إلى أخيه فما أن يهدر الثار

و المستغلان في سهل و في جبل … يدميها بالسياط الحمر غدار

سالت دماؤهما في السوط فامتزجت … فلن يفرقها بالدس أشرار

و أغمد الظلم في الصدرين مخلبه … فجمعت بالدم الجرحين أظفار

ووحد الجوع عزم الجائعين على … أن يوقدوها و ألا تخمد النار

و كدس العري أجساد العراة على … درب إلى النور قد أفضى بمن ساروا

وقرب القيد من شعبين شدهما … ووجهت من خطى الشعبين أفكار

يا فرحة العيد ما في العيد من مرح … حتى تحرر من محتاهلها الدار

يا فرحة العيد ما في العيد من مرح … حتى تحرر من محتاهلها الدار