وحقكَ إني قانعٌ بالذي تهوى ، – صفي الدين الحلي

وحقكَ إني قانعٌ بالذي تهوى ، … وراضٍ ولو حمّلتَني في الهوَى رَضوَى

وهَبتُكَ روحي فاقضِ منها ولا تخَفْ، … لأنّ عناني نحوَ غيركَ لا يلوى

وهى جلدي إن كانَ أضمرَ خاطري … سلواً، ولو أني قضيتُ من البلوَى

وحقكَ قد عزّ السلوُّ، فمنّ لي … بوصلٍ، فإنّ المنّ أحلى من السلوى

وَجَدتُ الهوَى حُلواً، فلَمّا وَرَدتُهُ … تأجّنَ حتى شابَ بالكَدَرِ الصّفْوَا

وأعبتني من خمرِ حبكَ نشوة ً، … فَها أنا حتى الحشرِ لا أعرِفُ الصّحْوَا

ولعتُ بذكرِ الغانياتِ تموهاً … عن اسمك كيلا يعلمَ الناسُ من أهوى

وأكثرتُ تَذكاري لحَزوى ورامَة ٍ، … وما رامَة ٌ لولا هَواكَ وما حَزوَى ؟

وعدتَ جميلاً ثم اخلفتَ موعدي، … فما بالُ وَعدِ الهَجرِ عندك لا يُلوَى

وَصلتَ العِدى رَغماً عليّ، وحبّذا … لوَ أنّكَ أصفَيتَ الودادَ لمن يَسوَى

وحقِّ الهوى العذريّ، وهيَ ألية ٌ … تنزهُ أربابَ الغرامِ عن الدعوى

وِصالُكَ للأعداءِ لا الهَجرُ قاتِلي، … ولكن رأيتُ الصّبرَ أولى من الشكوَى

وفيتَ لهم دوني، فسوفَ أكيدهم … بصَبري إلى أن أبلُغَ الغايَة القُصوَى

وإلاّ، فلا أضحَتْ لنُجبِ عَزائمي … إلى الملكِ المنصور عصبُ الفلا تطوى

وليٌّ لأمرِ المسلمينَ، وحافظٌ … شرائطَ دينَ اللهِ بالعدلِ والتقوى

وَصُولٌ، عَبوسٌ، قاطعٌ، متَبَسّمٌ، … يخافُ ويرجى عنده الحتفُ والجدوى

وليٌّ عن الفحشا، سريعٌ إلى الندى ، … بعيدٌ عن المرأى ، قريبٌ من النجوى

وبالٌ لمن عاداك، وبلٌ لمن راعا … كَ، قحطٌ لمن ناواك، خصبُ لمن ألوى

وفيٌّ يجازي المذنبينَ بعفوهِ، … ولكنهُ عن مالهِ لا يرى العفوا

ويُصبحُ عن عَيبِ الخَلائقِ لاهِياً، … وعن رعيهم بالعدلِ لا يعرفُ السهوا

وأبلجُ قد راعَ الزمانَ سياسة ً، … وشنّ على أموالهِ غارة ً شعوا

وصفنا نداهُ للمطيّ، فأطلعتْ … يداها، وسارَتْ نحوَه تُسرِعُ الخَطوَا

وظَلّتْ بها يَكوي الهَجيرُ جُلودَها، … وأخفافُها من لَذعِ قدحِ الحصَى تُكوَى

وبِيدٍ عَسَفتُ العيسَ في هَضباتِها، … وأنضيت بالإدلاجِ في وعرها النضوا

وردنا بها ربعاً بهِ موردٌ الندى ، … غزيرٌ، ووَعلُ الجَودِ في ظلّهِ أحوَى

ولُذنا بمَلكٍ لَيسَ يُخلِفُ وَعدَه، … إذا مَوعدُ الوَسميّ أخلَفَ أو ألوَى

ولمّا أنَخنا عِيسَنا بفنائِه، … أفادَتْ يَداهُ كلَّ نَفسٍ بما تَهَوى

وأورَدَنا من جُودِ كَفّيهِ نِعمَة ً، … وصَيّرَ جَنّاتِ النّعيمِ لَنا مأوَى

وحسبي من الأيامِ أني بظلهِ، … ولي جودهُ محياً ولي ربعهُ أحوى