وجودي عنِ الأمرِ الإلهيِّ لمْ يكنْ – محيي الدين بن عربي

وجودي عنِ الأمرِ الإلهيِّ لمْ يكنْ … عنِ الذاتِ والتكوينِ لي فأعقلِ الشانا

وهذا الذي قدْ قلتهُ لمْ يقلْ بهِ … سوانا فحققْ منْ يكونُ إذا كانا

توحدتُ سرّاً وهو أمر يخصُّني … وإني كثيرٌ بالتأملِ إعلانا

فمنْ يرني مني يرى العينَ واحداً … ومنْ يرني منهُ يرى العينَ أعيانا

وذلكَ من صدعٍ يكونَ بعينهِ … يقيم به وزني فيخسر ميزانا

وإنْ لنا في كلِّ حالٍ ومشهدٍ … دليلاً على علمي بنفسي وبرهانا

وعلمي بنفسي عين علمي بربِّها … يحققهُ كشفاً جلياً وإيمانا

ألستَ تراني في مجالسِ علمنا … أفتقُ أسماعاً أبصرُ عميانا

وأهدي إلى النهجِ القويمِ بوحيه … قليبَ عبيدٍ لمْ يزلْ فيهِ حيرانا

إذا نحنُ نادينا نفوساً بهِ أتتْ … من الملإ العلويِّ رجلاً وفرسانا

يلبي منادي الحقِّ منْ كلِّ جانبٍ … فيكتبن أنصاراً ويثبتن أعوانا

لقدْ عللَ الصديقُ إخفاءَ صوتهِ … بما كان يتلوه من الليلِ قرآنا

وعلله الفاروقُ إذ كان معلنا … ليطردَ شيطاناً ويوقظَ وَسْنانا

وكلُّ رأي خيراً ولم يك خارجاً … عنِ الحكمِ بالميزانِ نقصاً ورجحانا

فجاء إمامُ الخيرِ بالحكمِ فيهما … وقد صاغه الرحمنُ رُوحاً ورَيحانا

فقالَ لهُ ارفعْ ثمَّ للآخرِ اتضعْ … يظهر حكمُ العدلِ عَيناً وسُلطانا

فكم بين من فيه ومنه ومن أتى … بهذا وذا إذ كان بالكلِّ رَحمانا

ألم ترني أدعى على كل حالة … أكونُ عليها بالتقلبِ إنسانا

وسواهُ شخصاً قابلاً كلَّ صورة ٍ … فعدَّلَ أجزاءَ ورتبَ أركانا

وأظهره جسماً سوياً معدَّلاً … بتربيعِ أخلاطٍ وسماهُ جثمانا

وأودعَ فيهِ النفخَ روحاً مقدساً … ليعصم أرواحاً ويقصمَ شيطانا