وتنتحر المنى – فاروق جويدة

ويمضي المساء على جفن درب

تركناه يوما لكأس القدر

تعربد فيه ليالي الصقيع

ووحل الشتاء وموت الزهر

وتمضي الحياة على وجنتيه

كحلم تعثر ثم انتحر

وفوق المقاعد عهد قديم

وأصداء نشوى وطيف عبر

ويبكي الطريق على الراحلين

على من مضى أو جفا أو غدر

ويمضي المساء على جفن درب

رعانا بدفء كشمس الشتاء

رأينا على شاطئيه الأمان

وحلما يداعبنا في الخفاء

وفي الدرب عشنا ربيع الأماني

سكارى نعانق فيها السماء

شدونا نشيد الهوى للحيارى

وفي الحب تحلو ليالي الغناء

رجعنا إلى الدرب بعد الرحيل

لنرثي عليه بقايا لقاء

مقاعدنا أطرقت في سكون

وقالت: رجعت لنفس الطريق

فأين لياليك صارت رمادا؟

وأين أمانيك بعد الحريق؟

وأين النسيم يهيم اشتياقا

يعانق في راحتيها الرحيق؟

على الدرب نامت بقايا زهور

وأشلاء غصن وحلم غريق

ولم يبق شيء سوى أغنيات

تساءل في الليل أين الرفيق؟

ويمضي المساء على جفن درب

توارى مع الحزن بعد الرحيل

وكم عاش يحمل نبض الحياة

كهمس النسيم وظل النخيل

عرفناه ليلا شقي الظلام

رأيناه شمسا تناجي الأصيل

ومهما عشقنا رحيق الأماني

فعمر الأماني قليل.. قليل

لقد عشت بالحب طفلا صغيرا

رأى في هواك عطاء السنين

فأطلق في راحتيك الليالي

وما كان يدري عذاب السجين

وكان نصيبك ليلا طويلا

وكان نصيبي قلبي الحزين

وجئنا إلى الدرب يوما حيارى

ليسألنا عن زمان الحنين

عشقنا وذبنا عليه اشتياقا

وجئناه نبكي على الراحلين