هَلّا بَكَيتَ ظَعائِناً وَحُمولا – صريع الغواني

هَلّا بَكَيتَ ظَعائِناً وَحُمولا … تَرَكَ الفُؤادَ فِراقُهُم مَخبولا

أَمّا الخَليطُ فَزائِلونَ لِفُرقَةٍ … فَمَتى تَراهُم راجِعينَ قُفولا

أَتبَعتُهُم عَينَ الرَقيبِ مُخالِساً … لَحظاً كَما نَظَرَ الأَسيرُ كَليلا

تَاللَهِ ما جَهلَ السُرورُ وَلا الكَرى … أَنَّ الفِراقَ مِنَ اللِقاءِ أُدَيلا

فإِذا زَجَرتُ القَلبَ زادَ وَجيبُهُ … وَإِذا حَبَستُ الدَمعَ فاضَ هُمولا

وَإِذا كَتَمتُ جَوى الأَسى بَعَثَ الهَوى … نَفَساً يَكونُ عَلى الضَميرِ دَليلا

واهاً لِأَيّامِ الصِبا وَزَمانِهِ … لَو كانَ أَسعَفَ بِالمُقامِ قَليلا

سَل عَيشَ دَهرٍ قَد مَضَت أَيّامُهُ … هَل يَستَطيعُ إِلى الرُجوعِ سَبيلا

لَو عادَ آخِرُهُ كَأَوَّلِ عَهدِهِ … فيما مَضى لَم أَشفِ مِنهُ غَليلا

وَلَرُبَّ يَومٍ لِلصِبا قَصَّرتُهُ … بِالمُلهياتِ وَقَد يَكونُ طَويلا

وَسُلافَةٍ صَهباءَ بِنتِ سُلافَةٍ … صَفراءَ لَمّا تُعصَرِ التَسليلا

أُختانِ واحِدَةٌ هِيَ اِبنَةُ أُختِها … كِلتاهُما تَدَعُ الصَحيحَ عَليلا

لا تَسقِني الماءَ القُراحَ وَهاتِها … عَذراءَ صافِيَةَ الأَديمِ شَمولا

خَرقاءَ يَرعُشُ بَعضُها مِن بَعضِها … لَم تَتَّخِذ غَيرَ المِزاجِ خَليلا

سُلَّت فَسُلَّت ثُمَّ سُلَّ سَليلُها … فَأَتى سَليلُ سَليلِها مَسلولا

بَعَثَت إِلى سِرِّ الضَميرِ فَجاءَها … سَلِساً عَلى هَذَرِ اللِسانِ مَقولا

لَطَفَ المِزاجُ لَها فَزَيَّنَ كَأسَها … بِقِلادَةٍ جُعِلَت لَها إِكليلا

قُتِلَت وَعاجَلَها المُديرُ فَلَم تَفِظ … فَإِذا بِهِ قَد صَيَّرَتهُ قَتيلا

وَهَجيرَةٍ كَلَّفتُ طَيَّ مَقيلِها … ظُهراً وَقَد طَلَبَ الكَنيسُ مَقيلا

قوداً نَواجِيَ فَالحَنِيِّ ضَوامِراً … تَرَكَت عَرائِكَها المَهامِهُ ميلا

وَدُجُنَّةٌ ضَمَّنتُ هَتكَ سُتورِها … وَجناءَ صامِتَةَ البُغامِ ذَلولا

حَتّى إِذا الفَجرُ اِستَضاءَ أَنَختُها … لِأَذوقَ نَوماً أَو أُصيبَ مَليلا

وَاللَيلُ قَد رَفَعَ الذُيولَ مُواشِكاً … بِرَحيلِهِ سُلطانَهُ لِيَزولا

حَمَّلتُ ثِقلَ الهَمِّ فَاِنبَعَثَت بِهِ … نَفسي وَناجِيَةَ السِفارِ ذَمولا

حَرفاً إِذا وَنَتِ العِتاقُ تَزَيَّدَت … في سَيرِها التَنعيبَ وَالتَبغيلا

تَرمي المَهامِهَ وَالقَطيعَ بِطَرفِها … شَزراً كَأَنَّ بِعَينِها تَحويلا

لَو أَنَّ قَوماً يُخلَقونَ مَنِيَّةً … مِن بَأسِهِم كانوا بَني جِبريلا

قَومٌ إِذا حَمِىَ الهَجيرُ مِنَ الوَغى … جَعَلوا الجَماجِمَ لِلسُيوفِ مَقيلا

إِذ لا حِمى إِلّا الرِماحُ وَبَينَها … خَيلٌ يَطَأنَ بِقاتِلٍ مَقتولا

وَلَقَد وَقَعنَ بِأَرضِ كابُلَ وَقعَةً … تَرَكَت إِلَيها لِلغُزاةِ سَبيلا