هو الحكم أمضته السيوف القواطع – أحمد محرم

هو الحكم أمضته السيوف القواطع … فلا حكم إلا باطل بعد ضائع

سل القوم هل في سيفر اليوم ناظر … وهل في أتينا من بني الروم سامع

تراموا إلى أزمير والحتف راصد … بأرجائها والبأس غضبان رائع

جنود وأعلام يموج وراءها … عباب لأشتات الأساطيع جامع

يريدون من ملك الخلافة هضبة … حمتها الصياصي والجبال الفوارع

إذا انتشر الجيش اللهام يريدها … طوته المنايا حولها والمصارع

كأن عرين الليث لم يؤت نصحه … فيقصر طماح ويرتد طامع

إذا لم يزع بعض النفوس حلومها … ففي السيف للغاوي المضلل وازع

نذكرهم بالمشرفي إذا نسوا … وللغافل الناسي من الجهل شافع

وإن علينا أن نقوم درأهم … إذا ما مشى منهم إلى الشر ظالع

أهابوا بأبطال الجهاد فما لهم … ولا للمواضي عن دم القوم دافع

كتائب لا يعصي الحتوف طريدها … ولو طاوعته في السماء المطالع

تضيئ سبيل النصر والنقع حالك … وتصبر في الهيجاء والسيف جازع

لها في يد الغازي لواء مظفر … تناجي الفتوح الغر فيه الوقائع

إذا هزه ألقت معاذيرها الوغى … وطارت إليه بالحصون المدافع

تلوذ به الأجناد في البر خيفة … وتهفو إليه في البحار الدوارع

إذا النصر ألوى بالجنود عصيه … تقدم يقضي حقه وهو طائع

تألق فيه سيف عثمان كوكبا … تغيب الدراري كلها وهو طالع

على متنه فجر من الفتح صادق … وفي حده نور من الله ساطع

تشاوره الأقدار والكون مطرق … وتلقي إليه الأمر والدهر خاشع

إذا اهتز فالدنيا قلوب وأهلها … عيون وأقطار السماء مسامع

يلوح من الغازي المجاهد في يد … لها من يد الهادي الأمين أصابع

مضى يصحب الإقدام والسيف ثالث … ويحمي لواء الله والله رابع

تماروا فقالوا عاث في الملك ناكث … وخان مواثيق الخلافة خالع

إذا بعثوا بالجيش ألقى سلاحه … فلا النصر مرجو ولا الجيش راجع

هي الحرب حتى لا يرى الليل مصبح … ولا يتمارى ذو الدهاء المخادع

لعمرك ما يغني الفتى سوء رأيه … إذا التذ طعم الورد والسم ناقع

وما ببني عثمان في الحرب ريبة … إذا ابتدر السيف الكمي المقارع

أولئك جند الله أما الذي أبوا … فحجر وأما ما أرادوا فواقع

إذا نفروا للحرب سبح ساجد … وكبر ما بين اللوائين راكع

يطوف علي بالصفوف وحمزة … ويسعى ابن قيس والحباب ورافع

يلوذ بآيات الكتاب رباطهم … وتمضي برايات النبي الطلائع

يبرح بالقواد والجند منهمو … أعاجيب شتى في الوغى وبدائع

رموا جيش قسطنطين بالبأس زاخرا … وبالحتف يطغى موجه المتدافع

إذا انتظمتهم لجة من عبابه … ترامت به غدرانه والمشارع

غوارب تسمو من حديد ومن دم … بجأواء لم يصنع لها الفلك صانع

تمنوا سيوف الترك حتى إذا مضت … مضى الملك وانهالت عليه الفجائع

أرى الشعب فوضى والبلاد كأنما … تكفئها من جانبيها الزعازع

أفي كل يوم نكبة مدلهمة … وناع بأطراف البلاد مسارع

وفي كل حين نجدة وإعانة … يشيعها قرض لآخر تابع

لئن عمرت تلك الخزائن بالبلى … لقد حفلت منه الديار البلاقع

بني الروم هل أمسى على الأرض يابس … وهل في الربى من ذلك الغرس يانع

أضلكم البرق المليح وربما … أضل وميض البرق والبرق لامع

ذهبتم على آثار من طاح قبلكم … وفي الذاهب الماضي لذي الحلم رادع

أقاموا لكم ملكا تضيق بمثله … جوانب هذا الدهر والدهر واسع

هوت بشعوب الأرض منهم سياسة … شاعر يشجي الممالك بارع

يجد أفانين الخيال ويزدهي … أولي الشوق منه ذو تطاريب ساجع

يغنى بليلى وهل للناس فتنة … ويبكي ديار الحي والبعد شاسع

هو الوجد حتى ما تجف المدامع … ولا تشتفي مما تجن الأضالع

هوى ما شفت ليلى تباريح دائه … ولا ساعفت أسبابه والذرائع

أحر الوغى أن يطرق الحي طارق … ويربع من شوق على الدار رابع

وأبرح ما تلقى النفوس من الردى … إذا اغتر عان أو تمرد خاضع

لعمري لنعم القوم هبت سيوفهم … تهز شعوب الشرق والشر هاجع

أبوا أن يكون الملك نحلة مفسد … تساق عطاياه وتزجى القطائع

دعوا فانبرت للحرب بكر ومطفل … وخف إلى الهيجاء كهل ويافع

يغامر ذو العشرين فيها بشيخه … وتلقي إليها بالبنين المراضع

نهضن وأسياف الغزاة مآزر … وسرن أعراف الجياد براقع

يبتن وراء الخيل يحمين سرحها … إذا بات منا في الحشية وادع

من اللاء يعطين الخلافة حقها … ويبنين منها ما تهد القوارع

يلدن الأباة الحافظين ذمارها … وما الناس إلا ذو إباء وضارع

أخالد زيدي مجد قومك وارفعي … لهم من معالي الذكر ما أنا رافع

يراع يهز المسلمين صريره … وسيف لأعناق المغيرين قاطع

ظفرت به دوني وإني بواحدي … وجدك إلا أن تلومي لقانع

أحب القوافي ما تصوغ لك الظبى … وتنشد أهليك الرماح الشوارع

خطبن فأحسن البيان وإنهم … إذا خطبوا في مأزق لمصاقع

بدائع من وحي الوغى عبقرية … لها من نفوس الباسلين مواقع

ألم تر قسطنطين أصبح ملكه … كما صدع الثوب الملفق صادع

رماه بنو عثمان من كل جانب … فزلزل حاميه وطاح المدافع

بني الروم هل برت عهود حليفكم … وهل صدقت آمالكم والمطامع

بغيتم على المستأمنين وبرحت … على الضعف منكم بالبرايا الفظائع

رميتم قبور الفاتحين فزلزلت … بيثرب أجداث وهيلت مضاجع

أهذا هو الفتح الذي طار ذكره … وضج يحييه الحليف المشايع

ودائع من مجد الهلال وعزه … ذخائر طه في حماها ودائع

مضت غدوة والسيف حران ناهل … وعادت ضحى والسيف ريان ناقع

أثرتم بها عصرا من الفتح أظلمت … عصور المواضي وهو أبيض ناصع

تنفس عن ريح الجنان فهزنا … إليها شذى من جانب الروح ضائع

لقد كان في تلك المحارم زاجر … ولكنها أحلامكم والطبائع

فذوقوا جزاء البغي لا السيف راحم … ولا الفاتح الغازي إلى السلم نازع

فتى الشرق يسقي سيفه كل ظالم … جنى البغي حتى يسأم البغي زارع

وكيف يقر الليث والذعر آخذ … بأشباله والذئب في الغيل راتع

بني الغرب صبرا لا تقولوا هوادة … بني الروم مهلا للأمور مواضع

أإن عاد بابولاس والجيش صاغر … وأذعن قسطنطين والأنف جادع

تريدونها في آل عثمان خطة … هي الخسف إلا ما تزحزح كانع

بني الغرب كونوا اليوم أسدا فما جنى … على الأسد إلا الثعلب المتواضع

دعو السيف يشرع للشعوب سبيلها … فقد أهلكتها سبلكم والشرائع

هو القدر المطبوع ما ثم قادر … سواه فيستعلي ولا ثم طابع

إذا المرء أعيته مصانعة العدى … مضى صادقا في شأنه لا يصانع

منيع الحمى لا يسلم الدهر عرضه … إذا أسلم العرض الذليل المطاوع

إذا شرع الرعديد في الذل يفتدي … دم الجوف أمسى وهو في الدم شارع

لعمرك إن القوم ما جد جدهم … فما لنواصيهم مدى الدهر سافع

تفاوت شأو القوم سام محلق … ومحتجر في مجثم الهون قابع

وبعض بني الغبراء بين شعوبها … كما اطردت فوق العباب الفواقع

سراة وأعيان يروعك شأنها … وأندية معمورة ومجامع

على غير شيء غير أنا نظنها … مخائل ما ترجو النفوس الجوازع

دعوت ذوي الأحلام منا إلى الهدى … وإني لنفسي إن تولوا لباخع

إذا النيل لم ينبع سناء وسؤددا … فغور وانسدت عليه المنابع

بني الغرب ما في طبكم وكتابكم … دواء لأوجاع المشارق ناجع

صببتم علينا الداء حتى إذا طغى … ترامت بنا في الهالكين المنازع

خذوا ما كبتم من أناجيل ما قضى … على الشرق إلا شؤمها المتتابع

أناجيل رهبان بأيدي أئمة … لهم بيع من أعظم وصوامع

تطل على الأعناق من جنباتها … مدى من نضار زينتها الرصائع

دم العاجز المغلوب في حجراتها … وما زين من تلك المحاريب مائع

تضيء الدجى فيه مصابيحها العلى … ونحن الفراش الساقط المتقادع

يصلي بها الأحبار من كل ناسك … يخر على الأذقان والجفن دامع

لهم من جلود الهالكين على التقى … مسوح حسان المجتلى ومدارع

نواقيسهم للجاهلين مطارق … وصلبانهم للغافلين مقامع

رموا أمم الدنيا بأوزار نحلة … من الظلم مبثوث بها الشر شائع

يعلمها رسل الحضارة يبتغي … بها الصيد رب ذو مخاليب جائع

بني يافث لا حية البحر قادر … عليكم ولا كل الشعوب ضفادع

عرفتم لذي الكيد المخاتل حكمه … فلا كيده مجد ولا الختل نافع

رويد العدى لا آل عثمان إذ أبوا … تجار ولا ملك الهلال بضائع

وما الحر إلا من يغالي بملكه … إذا باع عز الملك في الناس بائع

نهضتم به حرا وليس بناهض … إلى المجد شعب أثقلته الجوامع

وما الهبل الأعلى بمؤت عدوكم … من الملك والسلطان ما الله نازع

صدقتم فأعطاكم من الخير بسطة … وليس لما يعطي من الخير مانع

ستبقى لكم مما وفيتم بعده … عوارف في أعناقنا وصنائع

نسجنا لكم برد الثناء موشعا … وما البرد إلا ما تزين الوشائع

صبرنا على الشوق المبرح والجوى … فلا القلب خفاق ولا الدمع هامع

سلام على تلك الرباع وإن عفت … مصايفنا من أجلها والمرابع

كلمات: حيدر الجندي

ألحان: محمد شفيق

2001