هوى واحد – بدر شاكر السياب

على مقلتيك ارتشفت النجوم … وعانقت آمالي الآيبة

وسابقت حتى جناح الخيال … بروحي إلى روحك الواثبة

أطلت فكانت سناً ذائباً … بعينيك في بسمة ذائبة

أأنت التي رددتها مناي … أناشيد تحت ضياء القمر

تغني بها في ليالي الربيع … فتحلم أزهاره بالمطر

ويمضي صداها يهز الضياء … ويغفو على الزورق المنتظر

خذي الكأس بلي صداك العميق … بما ارتج في قاعها من شراب

خذي الكأس لا … جف ذاك الرحيق

خذي الكأس إني زرعت الكروم … على قبر ذاك الهوى الخاسر

فأعراقها تستعيد الشراب … وتشتفه من يد العاصر

خذي الكأس اني نسيت الزمان … فما في حياتي سوى حاضر

وكان انتظار لهذا الهوى … جلوسي على الشاطيء المقفر

وإرسال طرفي يجوب العباب … ويرتد عن أفقه الأسمر

إلى أن أهل الشراع الضحوك … وقالت لك الأمنيات : أنظري

أأنكرت حتى هواك اللجوج … وقلبي وأشواقك العارمة

وضللت في وهدة الكبرياء … صداها .. فيا لك من ظالمة

تجنيت حتى حسبت النعاس … ذبولا على الزهرة النائمة

أتنسين تحت التماع النجوم … خطانا وأنفاسنا الواجفة

وكيف احتضنا صدى في القلوب … تغني به القبلة الراجفة

صدى لج احتراق الشفاة … وما زال في غيهب العاطفة

ورانت على الأعين الوامقات … ظلال من القبلة النائية

تنادي بها رغبة في الشفاة … ويمنعها الشك .. والواشية

فترتج عن ضغطة في اليدين … جكعنا بها الدهر في ثانية

شقيقة روحي ألا تذكرين … نداء سيبقى يجوب السنين

وهمس من الأنجم الحالمات … يهز التماعاتها بالرنين

تسلل من فجوة في الستار … إليك وقال ألا تذكرين

تعالي فما زال في مقلتي … سنا ماج فيه اتقاد الفؤاد

كما لاح في الجدول المطمئن … خيال اللظى والنجوم البعاد

فلا تزعمي أن هذا جليد … ولا تزعمي أن هذا رماد؟